قروض لم تحل مشكلة تأمين مستلزمات التلاميذ في دمشق

دمشق – نورث برس

اضطر حسين الأحمد (44 عاماً)، وهو أب لثلاثة أطفال، يعيش في شارع بغداد في العاصمة دمشق، لأخذ قرض القرطاسية الذي أطلقته المؤسسة السورية للتجارة منذ أيام، ليشتري مستلزمات المدرسة لأطفاله.

وتوجه الرجل وزوجته الموظفة أيضاً لشراء القرطاسية من المؤسسة، بعد أن كانا يشتريانها في السنوات السابقة بالجملة من المكتبات الخاصة.

وخلال العام الماضي، استمر انخفاض القيمة الحقيقية لراتبيهما بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة وتدهور قيمة العملة المحلية وتضاعفت أسعار السلع بذريعة استيرادها.

ومن المقرر أنّ يبدأ العام الدراسي 2021-2022 في  الخامس من أيلول/سبتمبر المقبل، بحسب وزارة التربية في الحكومة السورية.

قرض مشروط

وفي الثاني عشر من آب/أغسطس الفائت، أصدرت المؤسسة السورية للتجارة تعليمات سمحت بموجبها بيع القرطاسية وألبسة المدرسة بالإضافة للمواد الغذائية، بالتقسيط لموظفي الحكومة، من خلال صالتها، وبموجب قرض يصل سقفه لـ 200 ألف ليرة سورية، على أن يتم إنفاقه في مركز المؤسسة.

 لكن حتى القرضين الذين قام “الأحمد” وزوجته بسحبهما، “لا يكفيان إذ تصل تكلفة تجهيز طفل واحد لأكثر من مائة ألف ليرة سورية”.

ويقول الرجل إنه قد يضطر إلى استدانة ثمن المؤونة هذه السنة.

ويشتكي سكان دمشق وريفها من تأثير الغلاء المعيشي في سوريا على أولوياتهم.

 فمع تراجع مستويات الدخل وارتفاع الأسعار، لجأ بعض السكان لإعادة استخدام قرطاسية من السنوات الفائتة كإصلاح حقائب أو إعادة استخدام دفاتر ما زالت تحتوي صفحات بيضاء، بسبب عدم قدرتهم على شراء قرطاسية جديدة.

ويتراوح  سعر الحقيبة المدرسية الجديدة بين عشرة آلاف وخمسين ألف ليرة، بحسب النوعية، فيما يبدأ سعر القلم الواحد من 300 ليرة سورية، ولا ينتهي عند 600 ليرة، لتصل أرخص علبة ألوان إلى سعر 2500 ليرة، وفقاً لأرباب عائلات.

ويحتاج الطالب في المرحلة الابتدائية إلى ستة دفاتر على الأقل، يتراوح سعر كل منها ما بين 800 ليرة و1000 ليرة.

وفيما انتشرت أخبار وإعلانات عن مهرجانات وأسواق تعتمد أسعاراً منافسة للمستلزمات المدرسية، بحسب المعلنين، يرى البعض أنها لم تف بالغرض بسبب عدم التزامها بمعايير السلامة، وانخفاض جودة البضائع التي تقدمها.

“خسارة بخسارة”

وامتنعت غالية عبد الرحيم (37 عاماً)، وهي أم لطفلين في المرحلة الابتدائية تقطن في شارع الحلبونة في العاصمة دمشق، عن الذهاب لسوق للقرطاسية، بسبب خوفها من الإصابة بفيروس كورونا.

 تقول إن ذلك السوق “لا يتقيد بالإجراءات الاحترازية”، كما شاهدت في الصور المنشورة على صفحات الإنترنت.

 ولجأت المرأة إلى المؤسسة العامة، لكنها اكتشفت أن “الشراء من المؤسسة عبارة عن خسارة بخسارة”.

وتشير غالية إلى أن نوعية الدفاتر والبضاعة هناك رديئة إلى حد لا يوصف، “فأغلب الأقلام قديمة بقيت لسنوات في المستودعات، والدفاتر تقلصت أحجامها، إذ أن الدفتر الذي كان 70 صفحة أصبح يضم 60 فقط، وهذا دليل على خفض تكلفة الإنتاج”.

وتضيف: “اضطررت للشراء من المكتبات بالرغم من أن أسعارها  مضاعفة”.

وقال أحمد نجم، وهو مدير فرع السورية للتجارة في تصريح لوكالة سانا التي تديرها الحكومة، إن مجموعة متنوعة من القرطاسية شملت حقائب ودفاتر وألبسة يحتاجها طلاب المدارس طُرحت بأسعار أقل من أسعار السوق بنسبة تتراوح بين 30 بالمائة و40 بالمائة.

وأشار إلى البدء بالبيع بالتقسيط للعاملين في الدولة بسقف مئة ألف ليرة سورية دون فوائد.

وعلقت حنان طه (43 عاماً) أنها اضطرت للدخول في جمعية شهرية لكي تحتفظ ببعض المال لفصل الخريف، لتسطيع شراء المؤونة والقرطاسية واللوازم المدرسية لأطفالها.

إقرار بالعجز

وحول تصريح مدير فرع  المؤسسة السورية للتجارة، تقول ربة المنزل إن المواد التي تباع قليلة الجودة، وحتى ان اضطرت للاستدانة فهي لن تلبس أطفالها هذه القطع “الرديئة”.

إذ أن “القماش المستخدم في خياطة الصدريات والملابس المدرسية هو أسوأ أنواع القماش، ولن يصمد حتى نهاية الفصل الأول على يد الأطفال”، بحسب المرأة.

وتطالب بضرورة إخراج المستلزمات المدرسية من دائرة الربح والخسارة، وأن “تتكفل الدولة بكل ما يخص التعليم بشكل مجاني، أو التوقف عن تذكير المواطن بشكل يومي أن التعليم مجاني”.

واعتبرت “طه” أن منح هذه القروض هو إقرار من الحكومة بأن أسعار القرطاسية لوحدها أعلى من الراتب الشهري للموظف الذي لا يتجاوز 75 ألف ليرة (ما يعادل 25 دولاراً أميركياً).

إعداد: حنين رزق- تحرير: حسن عبدالله