تل تمر – نورث برس
استمرت انتهاكات القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها في سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض خلال شهر آب/أغسطس، بالإضافة لقصفها المتكرر على المناطق الآهلة بالسكان.
كما وشهدت المنطقة أحداثاً جديدة للاقتتال الداخلي والفلتان الأمني.
وتسيطر فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا على مدينة سري كانيه وتل أبيض شمال شرقي سوريا، منذ أواخر العام 2019 حين نفذت هجمات تسببت بنزوح مئات الآلاف من السكان.
وصعّدت القوات التركية وفصائل المعارضة التابعة لها من وتيرة استهدافها للمناطق المأهولة بالقرب من خطوط التماس في كل من سري كانيه وتل أبيض، ما تسبب بفقدان مدنيين لحياتهم، و نزوح عشرات العائلات من تلك المناطق.
وفي الرابع من آب/ أغسطس، ارتكب الجيش التركي مجزرة بحق عائلة كاملة بينهم أطفال في قرية الصفاوية شرق بلدة عين عيسى شمال الرقة، جراء القصف بالأسلحة الثقيلة، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة اثنين آخرين بجروح بليغة.
في حين قصف الجيش التركي بكثافة ولمدة ثلاثة أسابيع متواصلة بلدتي تل تمر وأبو راسين شمال الحسكة، ما أسفر عن دمار عشرات المنازل والمنشآت الحيوية والتعليمية.
وفي ساعات المساء من ليلة التاسع من آب/ أغسطس، أمطرت المدفعية التركية بلدة أبو راسين بأكثر من 50 قذيفة أسفرت عن مقتل امرأة وطفل وإلحاق أَضرار في عشرات المنازل والمدارس وخطوط الكهرباء.
فلتان أمني
وبدت منطقتا سري كانيه وتل أبيض خارجة عن السيطرة وسط استمرار الفلتان الأمني والاقتتال الداخلي المستمر وسرقة منازل المدنيين.
الأمر الذي دفع بسكان للخروج في احتجاجات وتظاهرات وصفت مسلحي المعارضة بـ”الإرهابيين”.
وفي السابع من آب/أغسطس، أُصيب ثلاثة عناصر للفصائل بجروح نتيجة انفجار قنبلة يدوية بسيارة تابعة لفصائل معارضة بالقرب من المعبر الحدودي في تل أبيض.
وفي التاسع من الشهر نفسه، ذكرت مصادر محلية، أن عناصر فصيل ‘‘شهداء بدر’’ الذي يسيطر على الريف الغربي من مدينة رأس العين، اعتدوا على سكان قرية الراوية وسرقوا أموالهم بعد مداهمة منازلهم.
ما دفع سكان القرية للتظاهر وقطع الطرقات قبل أن يتدخل الفصيل ويفض التظاهرة بقوة السلاح وإطلاق الرصاص الحي فوق المتظاهرين.
وخلال فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، نعت متظاهر مسن عناصر الفصيل المسلح بـ ‘‘الإرهابيين’’ وطالبهم بالخروج من مناطقهم.
ويعرف عن فصيل “شهداء بدر” سيء الصيت، استيلاءه على محصول القمح الموسم الفائت، دون صرف مستحقات المزارعين حتى الآن، بالإضافة إلى قيامه بعمليات سلب ونهب أخرى بحق السكان.
وقالت مصادر مطلعة إن ثلاثة عناصر للشرطة المدنية وثلاثة من فرقة الحمزة، أصيبوا جراء اشتباك مسلح قرب دوار البريد وسط مدينة سري كانيه.
وحدث الاشتباك، بحسب المصادر، على خلفية مشادات كلامية بين الطرفين بعد اقتحام سيارة لفرقة الحمزة حاجزاً للشرطة المدنية، أغلقت بعدها الأسواق وحشد كل من الطرفين عناصره.
وفي الثاني عشر من الشهر، داهمت الاستخبارات التركية ومسلحون من المعارضة بلدة حمام تركمان بريف تل أبيض، واختطفوا امرأتين من المكون التركماني، وهما روضة عبد الأحمد ومايا الخليل ورضيعها، وفق ما قاله مصدر خاص لنورث برس.
ولفت المصدر بأن المرأتين كانتا قد لجأتا إلى أحد وجهاء المنطقة لحمايتهما، إلا أن المسلحين اختطفوهما رغماً عن وجيه عشيرة الطوبال خلف محمد الخلف.
وفي الحادي عشر من آب/ أغسطس، اختطفت فصائل المعارضة إسماعيل السالم، الذي ينحدر من قرية العماير بريف عين عيسى الشمالي، ونُقل المختطف إلى إحدى مقار الفصيل المذكور في ناحية سلوك بريف المدينة.
وفي الثامن والعشرين، قتلت فصائل المعارضة أحد سكان قرية الزيدي التابعة لناحية سلوك بريف تل أبيض الشرقي، ويدعى محمد الشكام، وذلك بسبب خلاف مالي معه نتيجة عمله في تهريب أشخاص إلى تركيا.
تعذيب أطفال
وفي اليوم التالي، اعتقلت الاستخبارات التركية طفلاً يدعى إياد الدهش (عشرة أعوام)، بعد قيامه برمي الحجارة على عربات عسكرية تركية أثناء مداهمتها منزله في قرية حمام التركمان، دون معرفة مكان اعتقاله أو معرفة مصيره حتى اللحظة، بحسب مصادر من مدينة تل أبيض.
ومن أبرز المشاهد التي وردت من المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة خلال الشهر الفائت، انتشار صور على مواقع التواصل الاجتماعي لطفل من عائلة تستوطن مدينة رأس العين (ينحدر من ريف دير الزور)، وعلى جسده أثار تعذيب بطريقة وحشية.
واتهم ناشطون فصيل السلطان مراد بالوقوف خلفه، ورغم نفي الأخير التهمة عن نفسه ، أكد ناشطون وجود أطفال أخرين يرقدون في سجون الفصيل المذكور ضمن المدينة دون معرفة مصيرهم.
حالة تخبط
وشهدت المنطقة مطلع آب/أغسطس حالة من التخبط بين فصائل المعارضة، بعد إدراج الولايات المتحدة الأمريكية فصيل ‘‘أحرار الشرقية’’ على لائحة العقوبات، على خلفية إعدام قياداته للسياسية الكردية هفرين خلف قبل نحو عامين، بالإضافة لإدارة الفصيل لسجون شهدت عمليات إعدام مئات الأشخاص بالقرب من حلب.
وبعد هذا القرار سعت بعض المنصات الإعلامية المقربة من المعارضة نشر ‘‘أخبار كاذبة’’ حول مكان تواجد الفصيل واعلان اغتيال لقاداته الذين أعلنتهم واشنطن على لائحة عقوباتها، وفق تقرير نشره المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية على موقعها الرسمي.
واعتبرت ‘‘قسد’’ أن هذه الأخبار ‘‘الكاذبة’’ تأتي في سياق المحاولات الفاشلة للتشويش على جهود منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام لتوثيق جرائم الفصيل وجمع المزيد من البيانات حول قادته وعناصره (بما فيهم عناصر داعش المنضوون في صفوفه) وملاحقتهم قضائياً.
وقالت إن لديها أدلة تفند جميع الإشاعات المضللة التي تُنشر حول الفصيل المذكور، مرفقة تقريرها بصور لعناصر الفصيل داخل مدينة رأس العين بعد الادعاء بتوجههم لمدينة تل أبيض.
غلاء معيشة
وإلى جانب الفلتان الأمني المستمر، تشهد منطقتا رأس العين وتل أبيض غلاءً معيشياً، وسط تردي الخدمات.
وقالت مصادر مطلعة لنورث برس، إن سعر ربطة الخبز في المنطقتين وصل إلى ألفي ليرة سورية لـ 10 أرغفة، بينما وصل لتر مادة المازوت لـ 2100 ليرة.