رواج سوق الأغراض المستعملة في إدلب وسط تخوف من مصدرها

إدلب- نورث برس

يحجم حمود الرشيد (51 عاماً)، من مدينة سرمدا بريف إدلب شمال غربي سوريا، عن شراء الأدوات المستعملة المعروضة في المحلات، بسبب خوفه من أن تكون مسروقة.

ويقول لنورث برس: “الكثير من ضعاف النفوس يقومون بسرقة منازل النازحين بعد خلوها من سكانها، ويقومون ببيع المسروقات للمحلات المنتشرة في المنطقة بأرخص الأسعار”.

ويفضل “الرشيد” شراء الأدوات الجديدة، رغم غلائها وقلّة جودتها على شراء الأدوات المسروقة حتى لو كانت رخيصة الثمن.

سرقة منازل نازحين

ومع اشتداد المعارك وعمليات القصف في ريف إدلب الجنوبي منذ بداية العام الجاري، تزايدت حركة نزوح السكان من منازلهم، لتنشط تجارة الأغراض المستعملة بشكل كبير.

ويلجأ نازحون لبيع جزء من أثاث منازلهم للتخلص من أعباء إيجاد مكان لها ونقلها لآخر، فيما يضطر آخرون لشراء مستلزمات منازل وأثاث وأدوات مستعملة نظراً لأسعارها المناسبة وجودتها، بعد أن فقدوا ممتلكاتهم خلال عمليات النزوح.

وفقد الكثير من النازحين في إدلب فرصة إخراج أمتعتهم من منازلهم جراء عمليات القصف والمعارك أثناء نزوحهم، الأمر الذي يدفع بأصحاب “النفوس الضعيفة” لسرقة تلك المنازل، ما أثار شبهات حول الأدوات المستعملة التي تعرض في الأسواق.

وفوجئت فاطمة السليم (46 عاماً)، من سكان بلدة إحسم، بتعرض منزلها للسرقة عندما عادت إليه بعد أن اضطرت للنزوح خلال التصعيد العسكري في حزيران/يونيو الماضي.

وخسرت المرأة كل أثاث منزلها، “حتى أسطوانة الغاز والغسالة والمدفأة وحتى قسم من المؤونة الموجودة في المطبخ سُرقت من

المنزل”.

 ويضطر السكان في المناطق القريبة من خط المواجهة على ترك منازلهم في أوقات القصف المكثف، ليعودوا إليها بعد توقفه.

تقول “فاطمة”: ”ننزح عادة من منزلنا أيام التصعيد العسكري ونعود في أيام الهدوء النسبي، لكن في آخر مرة  نزحنا، حملنا ما خف وزنه، تاركين الأثاث واللباس، لنتفاجأ عند عودتنا بسرقة كامل محتوياته.”

وبالمقابل تمكن بعض النازحين من بيع عفش منازلهم بالكامل قبل النزوح بغرض السفر إلى خارج البلاد.

ونتج عن الحالتين السابقتين سوق لبيع الأدوات المستعملة لجأ إليها نازحون أيضاً لتعويض ما فقدوه، وشراء احتياجاتهم الضرورية منها.

وتقصد سميحة الجمول (41 عاماً)، وهي نازحة في مدينة أطمة بريف إدلب الشمالي، شمالي غربي سوريا، محال بيع المستعمل لشراء أدوات وسجاد وفرش منزل وغيرها من المستلزمات بعد أن فقدت أثاث منزلها خلال النزوح من معرة النعمان العام الماضي.

وتقول: “خرجت مع أسرتي من منزلنا تحت وابل من القذائف والصواريخ دون أن أتمكن من إخراج أي شيء من أثاثنا وأغراضنا”.

وتلجأ المرأة لمحال بيع الأغراض المستعملة كلما احتاجت شيئاً من الأدوات المنزلية وغيرها، حيث تجد فيها معظم مستلزماتها بأسعار تناسب إمكاناتها.

بيع وشراء لنازحين

وبعد انتقاله للعيش في خيمة بمخيم حربنوش بريف إدلب الشمالي، سارع محمد الصطوف (36 عاماً)، لبيع معظم أثاث منزله، بسبب عدم اتساع مساحة الخيمة للأغراض.

ويسكن الرجل في خيمة واحدة مع زوجته وأولاده الأربعة، واضطر لوضع أغراضه والأثاث الذي اصطحبه من منزله في مدينة سراقب خارج الخيمة، “مما يعرضها للتلف والسرقة”.

وباع الرجل الأدوات الكهربائية بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء في المخيم، وعدم استخدامها، كما باع أثاث غرفة نومه كاملة بمبلغ 80 دولاراً أميركياً فقط بسبب خوفه من سرقتها.

ويقول “الصطوف” إن زوجته حزنت كثيراً بسبب بيع أمتعة استغرق جمع ثمنها سنوات طويلة، “لقد وعدتها بشراء أمتعة بديلة وأثاث جديد في حال عدنا إلى منزلنا”.

وتلقى محال بيع الأدوات المستعملة رواجاً وإقبالاً متزايداً من سكان إدلب، الذين وجدوا فيها حلاً معقولاً لغلاء الأسعار، في ظل الحرب وتردي الأوضاع المعيشية، نظراً لرخص ثمنها مقارنة مع أسعار الأغراض الجديدة.

ويقصد الشاب نبيل الرسلان (25 عاماً)، من سكان مدينة إدلب، محال بيع الأغراض المستعملة لشراء تجهيزات منزل استأجره للزواج.

ووجد الشاب في شراء الأدوات المستعملة بديلاً مناسباً لإمكاناته المادية المتواضعة، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي.

ويقول لنورث برس، إن “شراء الأدوات المستعملة وفّر عليّ الكثير من التكاليف، حيث وجدت في هذه المحلات كافة الاحتياجات، من أدوات مطبخ وغرفة نوم وغرفة معيشة، وغيرها”.

ويضيف “الرسلان”: “صحيح أنني جهزت منزلي بأدوات مستعملة، إلا أنها أشبه بالجديدة، لأنها لم تستعمل بمعظمها سوى لفترات قصيرة”.

ويقول سليم الملكو (44 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع الأدوات المستعملة في مدينة إدلب، إن معظم الأغراض القديمة تتميز بجودتها ونوعيتها رغم رخص ثمنها، مقارنة مع الجديدة التي غالباً ما تكون من نوعية أقل.

ويعود السبب في ذلك، بحسب التاجر، إلى تردي الصناعة المحلية، وتوقف العديد من المعامل عن العمل، وهجرة الكثير من الحرفيين خارج البلاد.

ويشير إلى أنه يبيع غرفة النوم المستعملة مثلاً بمبلغ 200 دولار أميركي، فيما يصل سعر الجديدة إلى أكثر من 600 دولار، أما الفرن فيبيعه بحوالي 50 دولار أميركياً، فيما يصل سعر الجديد من الماركة نفسها إلى 300 دولار.

ويضيف التاجر: “البيع والشراء يتم أيضاً عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت صفحات بيع الأغراض المستعملة التي تخص منطقة معينة، وصار التفاوض مع البائع يتم عبر الإنترنت، وهو ما زاد من عمليات البيع بشكل كبير”، بحسب تعبيره.

إعداد: حلا الشيخ أحمد- تحرير: حسن عبد الله