تنظيف البحر السوري من الفيول بأدوات بدائية يثير سخرية رواد مواقع التواصل
طرطوس ـ نورث برس
بدهشة تقترب من الذهول، يتابع العالم ما يجري على الشواطئ السورية بعد تسرب كميات كبيرة من الفيول من مصفاة بانياس إلى الشاطئ لتمتد وتصل إلى شواطئ اللاذقية.
متطوعون مدنيون، وموظفون في البلديات والصرف الصحي والنفط يعملون على تنظيف البحر من الفيول باستخدام أدوات بدائية، الأمر الذي آثار الكثير من الاستهجان أحياناً والسخرية الممزوجة بمرارة مما وصلت إليه حال البلد، واليأس من كل شيء، إذ هل يوجد بلد في العالم ينظف البحر بالأيدي، أو بالشطف؟ كما علق البعض ساخرين.
والأسبوع الماضي، أعلنت مديرية البيئة التابعة للحكومة السورية في اللاذقية، عن رصد بقع تلوث بمادة الفيول في عدة مواقع موزعة على شاطئ جبلة، وقالت المديرية إنها اتخذت إجراءات فورية لمعالجة هذا التلوث.
صمت رسمي
ولكن لا يوجد تعليق رسمي، ولم يصرح وزير النفط، واقتصر الحديث على الخبر الرسمي الذي تحدث عن تسرب (كميات بسيطة) في أحد خزانات المصفاة، أما من حيث الكميات وماذا ستفعل وزارة النفط، وما هي الأضرار التي يتسبب بها ما حصل، فبقي الأمر دون رد.
وترك غياب أي تصريح رسمي أو معلومات رسمية، المجال مفتوحاً لأخبار وتوقعات غير معروف مدى صحتها.
ومما يتم تداوله على أنها معلومات تمت من الاستعانة بصور للأقمار الصناعية، أن طول البقعة النفطية التي تسربت من الخزان تبلغ 19 كيلو متر طولي، وعرض يتراوح من نصف كيلو متر إلى كيلو متر.
وقدرت سماكة النفط الطافي فوق الماء بنحو 10 سنتمتر، وبحسابات للبيانات التي يفترضونها، بناء على الأقمار الصناعية، تم تقدير الكميات المتسربة بما لا يقل عن 10 مليون برميل يطفو فوق مياه البحر، (وليس كما قدره البعض بما لا يتجاوز 4 أطنان) وبخسارة تتراوح بين 600 إلى680 مليون دولار، باحتساب سعر برميل النفط بين 60 و68 دولار.
ودعا الكثيرون إلى محاسبة المتسببين بهذا التلوث الذي أدى لخسائر كبيرة ولارتفاع ساعات التقنين وتلوث الشواطئ ونفوق الأسماك الذي تسبب بدوره بقطع أرزاق الصيادين.
تبرع ومساعدة
نشرت نسرين زريق وهي دكتورة في الاقتصاد، على صفحتها تساؤلاً عن كيفية الوصول إلى “العمال الذين يلمسون الفيول بأيديهم، حسب تعليمات المسؤولين.
كما تساءلت عن طريقة الوصول إليهم لإعطائهم ملابس وقائية “علها تسترهم من سرطانات قادمة، كرمال 40 ألف ليرة”، ويبدو أن هذا المبلغ الذي يتقاضاه العمال لقاء أعمالهم المرهقة الخطرة، حيث يتبين أنه حتى الثياب الواقية من آثار ملامسة الفيول غير متوافرة، ويتم تأمينها عن طريق التبرعات.
وطالبت “زريق”، عبر منشورها، بتقديم مساعدات “لتأمين 50 زوجاً من القفازات الواقية لعمال النفط، و50 بدلة وقائية، و50 حذاء خاص وقائي، و50 ماسك شفاف للوجه”.
وعندما انتشرت الصور التي يتم فيها “شطف البحر” بالأيدي تساءل الكثير من السكان عن أسباب غياب دور زورق مكافحة التلوث البحري (بصرى الشام) الذي تمتلكه سوريا منذ 2005.
وجاء بعدها توضيح من إدارة الموانئ، يشدد على أن الزورق لا يستطيع العمل في المناطق الشاطئية، بل عمله في أعماق بحرية محدودة، أما التلوث الحالي، فقد استقر على شواطئ صخرية، أو مياه ضحلة في منطقتي بانياس وجبلة، وهذا أعاق إدخال الزورق إلى تلك المناطق، وأنه لا بديل عن الطرق اليدوية لمعالجة الوضع.
وأشارت إدارة الموانئ إلى أن اتباع طرق المعالجة يقدرها الفنيون المدربون والاختصاصيون بهذا المجال، وخاصة عناصر مركز التلوث البحري في بانياس وفق الإمكانيات والمعدات والخبرات المتوفرة في ظل الحصار الخانق والعقوبات الاقتصادية الشديدة التي تمنع استيراد أو صيانة أي قطعة غيار لأي معدات بحرية.
كيف ولماذا؟
أحد المهتمين بقضايا البيئة لم يرغب في الإفصاح عن اسمه، حمل في حديث لنورث برس المعنيين مسؤولية التقصير والإهمال الذي تسبب بحدوث كارثة بيئية تضاف إلى الكوارث الأخرى التي تصيب الساحل السوري كالحرائق، التي كان يتم التعامل معها بالطرق البدائية ذاتها، حيث كان يتم استخدام ” المعول والأغصان”، من قبل متطوعون يندفعون لإطفاء النيران التي تلتهم أراضيهم وغاباتهم.
وقال إن “ثقباً كهذا في الخزان يحتاج إلى سنوات حتى يصبح بكل هذا الحجم، ولو أن هنالك من يتابع ويتفقد لما حصل كل هذا الخرب؟”.

وتساءل: “لماذا لا يظهر وزير النفط ويخبر الناس بالذي حصل؟”.
وكان مدير عام المؤسسة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية، شدد، خلال اجتماع للمعنيين في محافظة طرطوس كما نقلت عنه بعض وسائل الإعلام المحلية، على أن السبب يعود لقدم الخزان، وأن معرفة السبب الحقيقي تحتاج إلى شهرين على الأقل، حتى يتم إفراغ الخزان من الفيول، وتنظيفه ومن ثم الكشف على أرضيته.
وهذا ما عقب عليه البعض بأن هذه الفترة كفيلة “بلفلفت القصة من جذورها”، وهنالك من قال إنه قد يكون الأمر برمته تغطية لعمليات فساد وسرقة، طالما لا أحد يصرح أو يتحمل مسؤولية.
لماذا نعيش في ظلمة؟
وبالإضافة إلى موضوع الإحباط من طريقة المعالجة كان هنالك من يتساءل عن توافر كل هذه الكميات من الفيول بينما البلد عموماً، والساحل خصوصاً يغرق في الظلام.
وعقّب إياد الكناني: “خزانات مهترئة، معناتا الخزانات النظيفة مليانة، ومعناتا في فائض حتى معبين كل الخزانات، معناتا ليش عم تقطعوا الكهربا وكأنوا حياتنا صارت أساسية بلا كهربا”.
وقال هيثم قصيبة على صفحته في فيس بوك: “ما فيه فيول، مافيه غاز، مافيه مازوت تدفئة، ما فيه كميات كافية من البنزين، التلوث البحري فضح كل شيء”.

وفي بوست أخر قال رامي نعمان: “يا رجل وصل التسرب لقبرص، وبييجو بيقولوا ما عنا فيول. ليكن عم يلموه بالسفنجة من البحر”.