تل تمر – نورث برس
لا تخفي مريم سولاقا، وهي شابة آشورية من سكان بلدة تل تمر بريف الحسكة، شمال شرقي سوريا، مخاوفها من تصاعد حدة القصف التركي الذي قد يدفعهم للنزوح مجدداً من منازلهم.
ورغم قرار عائلتها وعائلات آشورية أخرى البقاء في منازلها واستمرار أفرادها في زراعة أراضيهم وأعمالهم الأخرى وممارسة طقوسهم الدينية والتراثية في بلدتهم، إلا أن الشابة لا تنسى معاناة نزوحها مع عائلتها قبل ستة أعوام.
وفي شباط/فبراير 2015، نزحت العائلة من قريتها تل خريطة الواقعة على ضفاف نهر الخابور أثناء هجوم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على المنطقة واختطافه لنحو 230 آشورياً، وتدمير معالم لقراهم ودور عبادتهم.
ويضم ريف تل تمر 33 قرية آشورية، خمس منها أفرغت بشكل شبه كلي بسبب هجوم تنظيم “داعش” سابقاً ولوقوعها على خطوط التماس مع الجيش التركي، بحسب سكان.
عائلات قليلة
تقول مريم، التي تعيش الآن في منزل مستأجر في الحي الأشوري بالبلدة بعد هجرة أصحابه إلى الخارج: “نخشى أن يتكرر سيناريو هجوم داعش على قرانا (..) بسبب هذه الأوضاع هُجّر عدد كبير من الأشوريين لخارج البلاد”.
وتضيف لنورث برس: “نمر بظروف حياتية صعبة جراء القصف، انقطعت عنا المياه والكهرباء وبتنا نلجأ للصهاريج لتعبئة المياه”.
ومنذ بدء تصعيد القصف التركي قبل نحو ثلاثة أسابيع، تعاني البلدة الواقعة على عقدة طرق تربط بين منطقة الجزيرة والداخل السوري من انقطاع مياه الشرب من محطة علوك بريف رأس العين، بالإضافة لانقطاع الكهرباء بسبب تضرر الشبكات التي طالها القصف.
وبحسب إحصائيات آشورية محلية، يبلغ عدد الآشوريين المتبقين في البلاد أكثر من 1000 شخص بقليل، بعد أن كان تعدادهم يبلغ نحو 20 ألفاً قبل الحرب في سوريا.
وتخشى العائلات الآشورية القليلة المتبقية على مصيرها مع استمرار قصف القوات التركية، رغم وجود اتفاقيتي وقف إطلاق النار التي أعلنتها أنقرة مع كل من واشنطن وموسكو أواخر العام 2019 بعد هجماتها على منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.
داعش وعثمانيون
وتقول السيدة شادية سولاقا، وهي والدة الشابة مريم، إن دوي القصف القوي يرعب الأطفال والمسنين في البلدة وأريافها.
ومع أن القصف يتركز معظم الأيام على الأرياف، لكنه دويه يتردد في منزل “سولاقا” وباقي منازل البلدة.
ويعيد القصف التركي بذاكرة الأم إلى وحشية هجوم تنظيم “داعش” على قراهم، وكيف هجّروا في غضون ساعات، وكيف نزحت عائلتها إلى ديرك ولاحقاً إلى حمص ثم لبنان.
تقول المرأة إن زوجها الذي كان يعاني مرضاً في القلب وتوفي مؤخراً بجلطة قلبية، تأثر بالمخاوف التي نشرها القصف المدوي على ريف البلدة والقلق على مصير عائلته.
وتواجه “سولاقا” حالياً مشاق إعالة أبناءها الثلاثة ووالدة زوجها المسنة.
ويعتقد إلياس عنتر، وهو رئيس المجلس الشعبي الأشوري في البلدة، أن أطماع وأفكار الدولة العثمانية التي قامت بعمليات إبادة ضد المسيحيين ما زالت مستمرة.
وقال لنورث برس إن “الهجمات الأخيرة ليس لها مبرر سوى الأطماع التركية القديمة المتجددة التي تعتبر المنطقة ملكاً للدولة العثمانية”.
وعلل ذلك بالأجواء المستقرة والعيش في أمان وسلام، “كنا نزرع أراضينا ونخطط لمستقبلنا”.
ويخشى المسن تكرار أحداث الماضي واستهداف تركيا والفصائل المتشددة للمسيحيين مجدداً.
وقال إن تركيا لا تخفي في أدبياتها حتى الآن مطامعها في لواءي الموصل وحلب اللذين كانا يضمان مناطق شمالي سوريا والعراق.