نازحون من سري كانيه.. مساعدات معدومة ونزوح متكرر
الحسكة – نورث برس
يجلس عبدالحميد محمد (72عاماً) وهو من سكان منطقة زركان بريف سري كانيه (رأس العين) على فراشٍ في بهو مدرسة بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، وهو يروي لنورث برس قصة نزوحه من قريته تحت القصف والظروف الصعبة التي يعيشها في المدرسة والتي لا تساعده في تخفيف ألم ترك منزله.
والأسبوع الماضي، وبعد اشتداد القصف على قريته والقرى المحيطة بها، فر “محمد” برفقة عائلته من القرية التي استهدفتها القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها بالقذائف، ليستقر في مدرسة “إسماعيل طوقان” في حي العزيزية بالحسكة.
وفي الآونة الأخيرة، صعّدت القوات التركية وفصائل موالية لها من وتيرة قصفها على بلدتي تل تمر وزركان (أبو راسين) شمال الحسكة وريفهما ومناطق في منبج مستهدفة قرى مأهولة ومرافق حيوية في المنطقة.
وبسبب استمرار القصف، اضطرت مئات العائلات للنزوح من قراها، حيث لجأ قسم منها إلى مخيم نوروز بالقرب من مدينة ديرك، أقصى شمال شرقي سوريا، فيما استقر آخرون في عدد من مدارس الحسكة.
وفي الثالث والعشرين من الشهر الجاري، أصيب مدنيان بجروح طفيفة، في قصف للقوات التركية بالقذائف على قرية الدردارة، شمال تل تمر.
وفي السابع من الشهر ذاته، قتل طفل وامرأة وأصيب نحو 15 آخرون، جراء قصف تركي طال بلدة زركان وعدد من القرى المحيطة بها.
لا مساعدات
ويقول النازح السبعيني إنه منذ نحو عامين تقصف القوات التركية وفصائل المعارضة، المنطقة، “لكن في الفترة الأخيرة ازدادت وتيرة القصف، في إحدى الليالي بدأوا بقصف القرية من الساعة التاسعة مساء وحتى الرابعة فجراً، نصف منازل قريتنا تدمرت”.
ويضيف: “تركنا فراش النوم ونزلنا إلى مجرى نهر زركان وقضينا ليلتنا هناك، وعند حلول الصباح توجهنا نحو الحسكة”.
لكن النازح ومن معه في المدرسة، تتفاقم معاناتهم مع انعدام المساعدات المقدمة لهم، حيث يضطر معظمهم للنوم على الأرض بدون فرش وبطانيات ويقضون ليالهم بدون كهرباء، بالإضافة لغياب المواد الغذائية وعدم توفر المياه في المدرسة.
ويقول هؤلاء لنورث برس إن مسؤولين في الإدارة الذاتية من مقاطعة الحسكة ومديرية التربية وحتى من جهات عسكرية قاموا بزيارتهم وطالبوهم بالخروج من المدرسة.
ويسكن في المدرسة الآنفة الذكر نحو 150 عائلة بحسب أحد النازحين، فيما تتوزع عائلات في مدارس أخرى في حي غويران وبلدة توينة نحو 12 كم غرب الحسكة.
وقال عبدالسلام محمود (46عاماً) وهو نازح من قرية المناجير بريف سري كانيه، إن المسؤولين الذين زاروا النازحين هددوهم بمنع وصول المساعدات إليهم وبقطع المياه عنهم في حال لم يغادروا المدرسة، “منذ عدة أيام ونحن بلا مياه لأنهم قطعوها عنا”.
وتواصلت نورث برس مع الرئاسة المشتركة لمجلس مقاطعة الحسكة سمر عبدالله، إلا أنها رفضت الإدلاء بأي تصريح.
نزوح متكرر
وكان “محمود” قد نزح أول مرة من قريته في تشرين الأول / أكتوبر عام 2019، أثناء اجتياح القوات التركية برفقة فصائل من المعارضة الموالية لها على منطقتي سري كانيه وتل أبيض.
وتسبب الهجوم الذي شنّته تركيا بمشاركة فصائل المعارضة المسلّحة الموالية لها على منطقتي سري كانيه وتل أبيض، بنزوح نحو 300 ألف شخص، وفقاً لبيانات الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
وحينها استقر قسم من النازحين في 80 مدرسة في مدينة الحسكة وريفها وتل تمر.
لكن وبعد تجهيز مخيم واشو كاني، 13 كم غرب الحسكة ومخيم سري كانيه شرق الحسكة، بدأت الإدارة الذاتية بنقل العائلات النازحة إلى المخيمين.
ورفضت العديد من العائلات مغادرة المدارس رغم قرار الإدارة الذاتية المبلغ لهم مسبقاً، والذي جاء حرصاً على سير العملية التعليمية.
ونزح “محمود” حينها إلى مدينة الحسكة وسكن عند أحد أقاربه، ليستقر بعد مدة في إحدى قرى ريف تل تمر، لكن ومع اشتداد القصف اضطر مرة أخرى للنزوح والاستقرار في مدرسة “إسماعيل طوقان”.
ويصف النازح الأربعيني حاله وحال من معه في المدرسة بـ”السيء جداً. ننام على البلاط، لا يتوفر الأكل ولا أي شيء من مقومات الحياة”.
ويضيف: “لم يعد لدينا قدرة على التحمل، هربنا من القصف ففوجئنا بمنع المساعدات والمياه عنا”.
وتشتكي عمشة الجاسم (46عاماً)، نازحة من منطقة التمان بريف سري كانيه، هي الأخرى من غياب المساعدات وتفاقم أوضاعهم، ولكنها تجد في العودة لمنزلها حلاً لكل هذه المعاناة.
وتقول: “نرضى أن ننام على الأرض ونحن في منازلنا”.