سكان في أريحا بإدلب يتخوفون من تسليم تركيا مناطقهم للحكومة

إدلب- نورث برس

مايزال يوسف قنطار(32 عاماً) يخشى أن يضطر للنزوح مجدداً من منزله في بلدة كفرلاتا بمنطقة أريحا الواقعة جنوب الطريق الدولي حلب- اللاذقية، بريف إدلب الجنوبي، وذلك بعد خمسة أشهر فقط من عودته إليه.

وتشهد القرى والبلدات الواقعة في منطقتي جبل الزاوية وجبل الأربعين ومدينة أريحا جنوب إدلب، تصعيداً عسكرياً منذ بداية حزيران/ يونيو الماضي.

وكان “القنطار” وسكان آخرون قد نزحوا من المدينة التي تسيطر عليها فصائل المعارضة نهاية 2019، بعد تقدم القوات الحكومية صوبها.

ومنذ مطلع العام الماضي، شهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد لقاء روسي-تركي في أستانا، ما شجع بعض السكان على العودة لمنازلهم.

وعلى الرغم من اتفاق “خفض التصعيد” وتواجد النقاط التركية، يخشى سكان من عملية جديدة للقوات الحكومية مع عودة التصعيد العسكري.

ويتخوف هؤلاء من قيام القوات التركية بتسليم أجزاء من هذه المناطق للقوات الحكومية مقابل حصولها على مناطق جديدة شرق الفرات أو مكاسب في صفقات تجارية أو للأسلحة كما فعلت سابقاً.

ويضيف “قنطار” أن غياب موقف تركيا و صمتها يؤكد أنها موافقة على ما يجري.

 “فقد كانت تركيا ضامنة سابقاً في أرياف حماة وحلب، ووعدت سكان تلك المناطق بمنع تقدم القوات الحكومية، لكنها سلمتها مقابل السماح لها باجتياح مناطق في شرق الفرات عام 2019”.

وتأوي المناطق الواقعة جنوب الطريق الدولي (4M) بريف إدلب، نحو ربع مليون مدني، بينهم آلاف النازحين الذين يعاني معظمهم من أوضاعاً معيشية واقتصادية سيئة، وفقاً لمدير فريق منسقو استجابة سوريا، المهندس محمد حلاج.

والأربعاء الماضي، قال محمود حبيب، وهو الناطق الرسمي باسم لواء الشمال الديمقراطي، إن التصعيد العسكري في الشمال السوري يشير لوجود اتفاق لم يظهر للعلن بين روسيا وتركيا ما يعني استمرار التصعيد.

وأضاف “حبيب”، لنورث برس، أن تركيا وروسيا تحملان صفة “الضامن”، لكنهما تشاركان في التصعيد والقصف الذي يطال مدنيين في مناطق عدة من الشمال السوري.

واعتبر الناطق باسم لواء الشمال الأمر “تواطؤاً” روسياً تركياً وقع ضحيته مدنيون، ويقابله “صمت دولي مبهم من قوات التحالف الدولي” الموجودة في شمال شرقي سوريا.

انعدام ثقة بالنقاط التركية

يقول يوسف قنطار إن مئات العائلات في بلدته تخشى النزوح مجدداً إلى المجهول، بعد عودتها إلى منازلها من المخيمات شمال إدلب.

ويشير إلى أن معظم السكان لا يثقون بالنقاط التركية، “فسكوت تركيا ونقاطها الـ50 جنوب إدلب يؤكد أنها شريكة في قتل السوريين”، على حد قوله.

وبحسب “القنطار” فإن عشرات النقاط المنتشرة للقوات التركية في منطقة جبل الزاوية، لم تتمكن حتى اليوم من إيقاف قصف القوات الحكومية السورية”.

ويوجد في بلدة كنصفرة وحدها ثلاث نقاط عسكرية تركية، “وجميعها لم تستطع حماية أطفال نائمين في منزلهم”، على حد وصفه.

وخلال الجولة السادسة من أستانا في سبتمبر/أيلول عام 2017 ، وقّعت كل من إيران وتركيا وروسيا اتفاقاً حدد مناطق خفض التصعيد التي تضم منطقة إدلب وأجزاء من أرياف حلب وحماة واللاذقية.

وتم إنشاء نقاط عسكرية تركية “لمراقبة وقف إطلاق النار بين الطرفين”.

ومنتصف آب/أغسطس عام 2019، تمكنت القوات الحكومية السورية والفصائل الموالية مدعومةً بغطاء جوي روسي من السيطرة على كامل ريف حماة الشمالي و معظم ريف حماة الغربي.

ونهاية العام 2019، بدأت القوات الحكومية حملة عسكرية على أرياف إدلب الجنوبية والشرقية وحلب، والتي استمرت حتى مطلع شباط/ فبراير 2020.

وانتهت بسيطرة قوات حكومة دمشق على كامل منطقة جبل شحشبو إضافةً إلى عشرات المدن الاستراتيجية مثل كفرنبل ومعرة النعمان وسراقب وخان شيخون.

وحاصرت القوات الحكومية حينها أكثر من 12 نقطة عسكرية تركية في تلك المناطق.

تصريحات لا تغني من جوع

واستبعدت تصريحات لمصادر عسكرية في المعارضة السورية ومحلليين عسكريين وسياسيين مقربين منها، إقدام القوات التركية بتسليم المنطقة للقوات الحكومية مقابل حصولها على موافقات لاستهداف شمال شرقي سوريا.

 وبحسب المصادر فإن أي خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تُفقد تركيا مصداقيتها أمام السكان وبين الفصائل الموالية لها، “وهذا ما لا ترغب به تركيا في الوقت الحالي”.

يقول معن الإبراهيم (39 عاماً)، وهو من سكان مدينة أريحا، إن القصف العشوائي الذي يستهدف المنطقة ينذر بحرب وشيكة يخسر فيها السكان منازلهم وممتلكاتهم.

ويضيف أن من الصعب عليه أن يبدأ من جديد بالنزوح لمكان آخر بعد أن أسس لنفسه مكاناً وعملاً هنا.

ويعتبر “الإبراهيم” أن وجود الضامن التركي “لا يسمن ولا يغني من جوع”.

وقال العقيد مصطفى بكور، الناطق باسم فصيل جيش العزة، لنورث برس، إنه لا يتوقع أن تكون هناك عملية عسكرية على الأرض، وإنما استمرار للقصف المتقطع على الشمال السوري لخلق حالة من عدم الاستقرار.

واعتبر استهداف الروس لمحيط النقاط التركية، “يندرج في إطار توجيه رسالة إلى السوريين بأن الأتراك غير قادرين على حمايتكم ولا حماية أنفسهم”.

إعداد: براء الشامي- تحرير: حسن عبد الله