صعوبات يواجهها مربو ماشية في ريف حلب بعد رفع الحكومة لأسعار الأعلاف

ريف حلب ـ نورث برس

أثار قرار الحكومة السورية الذي صدر مؤخراً، والمتضمن رفع أسعار الأعلاف، موجة استياء وتذمر لدى مربي ماشية في ريف حلب شمالي سوريا.

ويعاني مربو الماشية في ريف حلب، من عدم قدرتهم على تأمين الأعلاف لقطعانهم. وأدى القرار الحكومي لزيادة معاناة مربي المواشي في المناطق الخاضعة لسيطرت الحكومة السورية، في ظل الوضع المعيشي المتردي، والمترافق مع انخفاض أسعار المواشي وقلة المراعي، بعد موجة الجفاف التي ضربت المنطقة.

يقول سليمان العبدو (48عاماً)، وهو مربي ماشية، من قرية السكرية بريف حلب الشرقي، إنه قد يضطر إلى التخلي عن قسم من قطيعه في حال استمرت الأحوال على ما هي عليه.

وسيدفع “العبدو” أكثر من مليون ليرة سورية ثمناً لعلف النخالة، بهدف إطعام قطيعه المكون من 200رأس من الأغنام.

ولم يعد بإمكان “العبدو” شراء كميات إضافية منه كما كان يفعل سابقاً، حيث بات سعر العلف يفوق مقدرته.

ويضيف لنورث برس: “سأضطر لبيع نصف القطيع الذي أملكه، لأتمكن من إطعام القسم الآخر، لأني غير قادر على توفير الأعلاف والمرعى الكامل لها”.

سعر مضاعف

والأسبوع الماضي رفعت اللجنة الاقتصادية في الحكومة السورية، أسعار الأعلاف أضعاف ما كانت عليها.

وقال مدير مؤسسة الأعلاف عبد الكريم شباط في تصريح خاص لصحيفة “الوطن”، شبه الرسمية، إن “المؤسسة كانت تحصل على مادة النخالة من المطاحن بسعر 200 ليرة للكيلو الواحد، واليوم ارتفع سعرها وأصبحت تحصل عليها المؤسسة بسعر 600 ليرة، وتم بيعها لمربي الأبقار والأغنام بسعر 700 ليرة”.

وأشار إلى أنه نتيجة لارتفاع سعر مادة النخالة ارتفع معها سعر مادة جاهز حلوب أبقار، باعتبار تدخل ضمن مكوناتها، حيث وصل سعر الكيلو منها لـ1100 ليرة بعد أن كان 950 ليرة.

وأضاف، أنه تم تخصيص أربعة كيلو غرام نخالة لكل رأس، وواحد كيلو غرام كسبة قطن أو قشرة قطن حسب المتوافر.

وبحسب “شباط”، فإن المقنن العلفي الذي سيتم توزيعه على المربين، يغطي بحدود 25 بالمئة من حاجة القطيع.

وتعرضت مناطق زراعة الشعير لموجة جفاف العام الماضي، مما أدى لانخفاض إنتاج الشعير إلى 25% عن السنوات الماضية، وفقاً لـ”شباط”.

وقد جرت العادة أن يقوم مربوا المواشي بالاعتماد على الرعي خلال فصل الصيف أكثر من المقنن العلفي، لكنهم هذا العام واجهوا صعوبة في إيجاد المراعي الطبيعية بسبب شحّ الأمطار خلال العام الماضي، والذي أثر على نمو النباتات الرعوية.

ومع نهاية فصل الصيف، يضطر مربو المواشي عادة للاعتماد على المقنن العلفي كبديل عن المراعي التي تنحسر خلال هذه الأوقات من السنة.

بينما اضطر أصحاب المواشي هذه السنة للاعتماد على الأعلاف في وقت مبكر، مما زاد من تكاليف تربية المواشي.

وقال مربو ماشية، لنورث برس: “قبل القرار كنا نشتري الطن الواحد من علف الكبسول أو الجريش بسعر 450 ألف ليرة، إضافة لـ50 ألف ليرة كتكلفة إيصال حمولة من مطاحن العلف في منطقة جبرين جنوب مدينة حلب”.

لكن بعد رفع سعر العلف، “أصبح الطن الواحد يكلفنا أكثر مليون و100 ألف ليرة”.

ويقول سليمان العبدو وهو أحد مربي الماشية، إن المشكلة تكمن في شحّ المراعي. “لو كان هناك مراعي كافية لما كنا نضطر لشراء هذا الكم من الأعلاف”.

بيع القطعان

فضل نايف العبدون (56عاماً)، وهو من أحد مربي الأغنام من بلدة المهدوم في الريف الشرقي لحلب، بيع قطيعه البالغ عدده 90 رأساً، إضافة لرأسين من البقر، بسبب ارتفاع تكاليف تربيتها.

يقول “العبدون” لنورث برس: “فضلت بيع قطيعي من الأغنام والبقر واستثمار ثمنهما في مشروع زراعي مع أن تربية المواشي هي مهنتي أبّاً عن جدّ، وهي ذات مردود جيد لولا المشاكل الحالية التي واجهتنا”.

ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على الأعلاف فقد ارتفع سعر الأدوية البيطرية بنسبة 200٪ عن العام الماضي.

“ازدادت مشكلاتنا ومعاناتنا مع رفع الحكومة سعر العلف بشكل كبير”، بحسب “العبدون”.

والعام الماضي، كان شراء الطن الواحد من الذرة الصفراء يكلف المربي بحدود 600 ألف ليرة سورية، مع تكلفة التوصيل، بينما بات سعره دون تكاليف النقل يصل لمليون و100ألف ليرة.

ويشير “العبدون” إلى أن الكثير من مربي المواشي باتوا يفضلون بيع مواشيهم على تحمل التكاليف والتعرض للخسائر.

ويقول: “إذا استمرت الحكومة بتجاهلها لمشاكلنا ومطالبنا كمربين، ستتعرض الثروة الحيوانية في ريف حلب للتراجع، وربما لخسارة معظم القطعان”.

ويقول طلال الجاسم (35عاماً)، من بلدة دير حافر: “كنا عادةً نلجأ في مثل هذه الأوقات للبادية الشرقية الواقعة بين حلب والرقة حيث تتوفر المراعي الوسعة”.

لكن بسبب الأحداث الأمنية المتصاعدة في هذه البوادي ووجود خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في تلك المناطق، لم يخاطر الرجل بإرسال قطعانه إلى البوادي.

ويضيف أنه بدلاً من ذلك فضل دفع مبالغ إضافية لأصحاب الأراضي الزراعية بعد جني محصولهم حتى سمحوا له برعي قطيعه فيها.   

إعداد: نجم الصالح – تحرير: حسن عبد الله