طرق بدائية تعتمدها ربات منازل بأرياف دير الزور

دير الزور- نورث برس

تعمل نرجس الحسن (34 عاماً)، وهي ربة منزل من مدينة البوكمال بريف دير الزور شرقي سوريا، منذ الصباح في إعداد خبز التنور ونقل المياه بأوانٍ من الآبار للمنزل وإعداد الطعام على موقد حطب، وذلكفي ظل انقطاع الكهرباء لفترات طويلة ونقص الغاز وارتفاع أسعاره.

وما أن تنتهي من ذلك، حتى تشعل الموقد المصنوع من الطين لغلي الحليب وطهي الطعام على الحطب، وتجلس بعدها لساعات بجانب الموقد حتى تنضج الطبخة.

وتضطر نساء في أرياف دير الزور الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية للاعتماد على طرق بدائية لإنجاز أعمال منازلهن من إعداد الطعام وتسخين المياه الاستحمام وغلي الحليب وصناعة الخبز وغيرها من الأمور المنزلية.

وتعتبر ربات منازل أن مواقد الطين صارت ضرورة لإنجاز تلك الأعمال والخيار الوحيد للعائلات التي لا تتمكن من الحصول على الغاز والكهرباء.

ونتيجة ارتباط وصول المياه إلى خزانات المنازل بالكهرباء، والتي تصل ساعات تقنينها لأكثر من 20 ساعة في اليوم، يعتمد السكان بشكل أساسي على جلب المياه من الآبار وسواقي الري المنتشرة بين القرى والبلدات.

“لا بدائل”

وفي الآونة الأخيرة، ازدادت عمليات سرقة محولات الكهرباء وكابلات الشبكات بريفي دير الزور الغربي والشرقي في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة.

ومطلع الشهر الماضي، تم سرقة محولتي كهرباء في بلدة الشولا بريف دير الزور الغربي.

ومنتصف حزيران/ يونيو الماضي، سجلت عملية سرقة مشابهة لثلاث محولات كهرباء بمحيط بلدة التبني غرب دير الزور، أدت إلى انقطاع الكهرباء عن السكان لمدة ست أيام متواصلة.

وتعتمد عائلات على صناعة خبز التنور بشكل يومي، نتيجة تردي جودة إنتاج الأفران من جهة ولتفادي الانتظار لساعات في الطوابير من جهة أخرى.

ومنذ أشهر، تعاني غالبية مناطق الحكومة من نقص الخبز المدعوم حكومياً، خصوصاً بعد تطبيق نظام البطاقة الذكية وتحديد مخصصات لكل عائلة بحسب عدد أفرادها.

ومنذ مطلع العام الحالي، أصدرت الحكومة سلسلة قرارات تخص آلية توزيع الخبز ورفع أسعاره وتقنينه، وسط تفاقم النقص في الكميات المنتجة وازدياد شكاوى السكان.

ورغم أن خبز التنور والصاج ومواقد الحطب والكاز هو جزء من تراث غير بعيد لهذه القرى، تجد الريفيات أن غياب الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغاز، يجعل تدبير أمور منازلهن شاقاً وصعباً ، لكن لا خيار أمامهن وسط غياب الحلول.

“50 عاماً للوراء”

تقول “الحسن” إنها وجاراتها يبدأن عملهن في ساعات الصباح الباكر وينتهين عصراً، فيأخذن استراحة بضع ساعات ويعاودن العمل من جديد لإعداد طعام العشاء وجلب المياه من الآبار.

وتقول نور الرحيل (27 عاماً)، وهي من سكان البوكمال أيضاً، إنهن يقمن بجمع الحطب من الأشجار اليابسة، كما أنهن يستخدمن النايلون والبلاستيك  في الموقد الطيني  في حال كان هناك نقص في الحطب.

وتضيف بنبرة سخرية وهي تقطع العيدان وتستعد لغلي الحليب: “نسينا صنابير المياه وجرة الغاز، وكأننا لسنا في القرن الحادي والعشرين”.

ومع نفي الحكومة وجود أزمة للغاز المنزلي، يبقى سكان لأكثر من شهر بلا أسطوانات، وتزداد معاناة من لا يمتلك الإمكانات المالية لشرائها من السوق السوداء.

وترى الأمهات هنا أن المعاناة الأكبر تقع على عاتقهن أكثر من الرجال، ولا سيما أنهن من يقمن باستخدام الطرق البدائية لتوفير مياه الشرب والطبخ.

لكن “الحسن” وأخريات ذكرن أنهن بدأن بالتأقلم مع الواقع المفروض في ظل يأسهن من الحكومة لتحسين الواقع المعيشي والخدمي.

وتضيف أن سكان دير الزور عادوا 50 عاماً إلى الوراء.

إعداد: أحمد الموسى- تحرير: سوزدار محمد