القامشلي ـ نورث برس
يشغل الشماغ والعقال حيِّزاً معتبراً في خيال المجتمع السوري، ويمتد تاريخياً ليشمل الأبعاد الزمنية، الماضي والحاضر والمستقبل، وظهر التأثير الجلي في الحياة الاجتماعية السورية، بالإضافة إلى التأثير الفني والجمالي.
وظهر الشماغ جلياً في الأعمال الدرامية والمسرحية، كما في مسرحيات الماغوط، والمسلسلات البدوية، وليالي الصالحية والتغريبة الفلسطينية وغيرها. بالإضافة إلى اللوحات الفنية لفنانين سوريين

مشهد من ليالي الصالحية
وفي مسلسل “التغريبة الفلسطينية” استخدمت الملابس والزي التقليدي الفلسطيني بشكل واضح، وظهر الشماغ والعقال في لباس الرجال وصارا جنباً إلى جنب مع أحداث المسلسل، وحضورهما منذ المشاهد الأولى.

مشهد من التغريبة الفلسطينية
ويظهر الشماغ في المسلسل كجزء من التراث والمخزون القيِّم الذي يبقى للأجيال القادمة، وبقي صامداً رغم محاولات طمسه.
وعبَّر العقال والشماغ عن الحياة الاجتماعية بأطيافها وطبقاتها المختلفة، إذ رغم ثباته تميز بتنوعه، “من الفلاح والعامل والشاعر والمثقف والثائر والإقطاعي وحتى الخائن لوطنه”، بحسب شخصيات مثقفة.
وتظهر الدلالات في صورة لغة قريبة من فهم شرائح واسعة من جمهور المنطقة، ويساهم في حفظ الذاكرة الجمعية.
وفي مسرحية ضيعة تشرين، مسرحية سورية كوميدية سياسية، يدخل الشماغ والعقال في دائرة “مشوهة للتراث وللبنية المجتمعية”.
وقال أحد النقاد، إن السيدة المطلة من الشباك على الشارع، تسأل أبو نارة، الرجل المحافظ على الزي التقليدي – الشماغ والعقال، في شأن منع التجول: (ليش عم تتجول؟ المصلحة العامة. بس المختار مانع التجول لأسباب أمنية. الأسباب الأمنية في الكيس. وشو حامل بالكيس؟ تهريبة للمختار..).

مشهد من مسرحية ضيعة تشرين
وظهر الشماغ والعقال في الكثير من اللوحات الفنية، كون هذه العناصر التراثية تحمل دلالات جمالية وفنية، بالإضافة إلى البعد الاجتماعي.

لوحة للفنان السوري ميلاد الشايب
يعود تاريخ الشماغ وأصله إلى حضارات ما بين النهرين، قديماً حيث وردت كلمة شماغ في اللغة السومرية، وهي تتكون من مقطعين “اش ماخ”، بمعني غطاء الرأس.

منحوتات رافدية قديمة
وكانت أنماط توزيع الألوان على الشماغ تُحاكي شباك الصيد أو سنابل القمح كما يعتقد الباحثون في التراث.

توضح الصورة محاكاة الخطوط بشباك الصيد وسنابل القمح
ورغم تلك الفترات الطويلة استطاع الشماغ الصمود إلى هذا اليوم، لما له من مزايا عديدة، فمن ناحية يقوم بوظيفية الحماية من الظروف المناخية القاسية في البوادي والصحارى، ومن ناحية أخرى صار يرمز إلى الكثير من الأعراف والتقاليد الاجتماعية، بالإضافة إلى قيمته الجمالية.
وفي التراث السوري تحول الشماغ إلى رمز تاريخي عريق كما في الكثير من الدول، وأضحى الزي الرسمي في الكثير من المناطق السورية وخاصة مناطق الفرات وعلى طول مجراه وفي الجزيرة السورية. والذي يسمى أيضاَ بالحطّة أو المشدة أو “الجمدانة”.
إعداد وتحرير: نور حسن