حلب- نورث برس
800 ألف ليرة سورية، هو المبلغ الذي يتوجب على محمد كعكة (26 عاماً)، وهو من سكان حي الخالدية بمدينة حلب، شمالي سوريا، دفعه لتشغيل هاتفه من نوع “سامسونج إس 10” على الشبكة السورية.
وقبل يومين، وبعد توقف إجراء المكالمات الهاتفية لأكثر من شهر، قام “كعكة” بالاستعلام عن أجور الجمركة، لتصله رسالة تخبره أنه عليه دفع 800 ألف ليرة سورية ليتمكن من إجراء اتصالاته.
ويعجز الشاب العشريني، وهو طالب جامعي، عن دفع تلك الرسوم لا سيما أن شقيقه المقيم في مصر هو من أرسل له الهاتف كهدية، “فالمبلغ صادم وغير منطقي”.
والأسبوع الماضي، استأنفت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد التابعة للحكومة السورية، التصريح الإفرادي (الجمركة) عن الموبايلات، التي عملت أو ستعمل على الشبكة منذ الرابع عشر من آب/ أغسطس الجاري.
وبحسب الهيئة، فإن المشترك سيتمكن من الاستعلام عن أجور الجمركة عبر طلب الرمز (#134*) اعتباراً من الموعد المحدد، ليتم إرسال أجر التصريح خلال فترة أقصاها 36 ساعة برسالة نصية للمشترك.
وفي الثامن عشر من آذار /مارس، علَّقت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد جمركة الموبايلات ولمدة ستة أشهر، “ريثما يتم استكمال الدراسات التنظيمية والفنية للمشروع”، دون أن توضّح ماهية المشروع.
وقالت، حينها، إن تعليق التصريح عن الأجهزة الخلوية جاء بعد التأكد من وجود أجهزة تفوق عدد المشتركين بثلاثة أضعاف.
“رسوم خيالية”
قرار الاستئناف تزامن مع رفع الهيئة لرسوم التصريح الإفرادي عن الأجهزة الخلوية غير المصرح عنها، لتصل إلى أرقام وصفها مشتركون بـ”الخيالية”.
والأربعاء الماضي، قالت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، في بيان نشرته على حسابها الرسمي في موقع فيس بوك، إن أجور التصريح الجديدة ترتبط بالسعر الحقيقي لكل جهاز والمواصفات الفنية له وليس شرائح محددة.
وأشارت الهيئة إلى أن أجور التصريح الحالية عن الأجهزة التي تم الاستعلام عنها من قبل المشتركين تتراوح بين 70 ألف ليرة سورية، ومليون ونصف المليون ليرة سورية كحد أقصى، إذ تنخفض قيمة التصريح مع انخفاض قيمة ومواصفات الجهاز الخليوي.
وبررت الهيئة الآلية الجديدة التي تم إطلاقها بأنها جاءت “ليتناسب أجر التصريح مع القيمة الحقيقة للجهاز، ولمنع أي تلاعب بتحديد الشرائح وتحقيق العدالة بين المشتركين”.
ويعد التصريح الأخير هو الثاني خلال العام الجاري، فقد حددت الهيئة في أيار/ مايو الماضي، بدل التصريح للشريحة الأولى بـ 130 ألف ليرة سورية، والثانية بـ 220 ألف ليرة، والثالثة بـ 400 ألف، والرابعة بـ 500 ألف ليرة سورية.
لكن حسان عبدو النجار(36 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع الهواتف وصيانتها في حي الجميلية بحلب، رأى أن الهدف الحكومي من رفع رسوم التصريح هو لدفع السكان لشراء الأجهزة الخليوية من شركة “إيما تيل” الخاصة بتجارة الهواتف النقّالة والوكيل الحصري للاستيراد.
إذ ستدفع الرسوم الجديدة العديد للعزوف عن شراء الهواتف غير المعرفة من المحال واللجوء لشرائها من الشركة، “فالرسوم إضافة لسعر الجهاز وتكاليف الشحن ستكون أغلى من تكلفة شرائها من الأسواق المحلية”، بحسب “النجار”.
“مكاسب مالية”
وفي الثاني والعشرين من آذار/ مارس الفائت، أصدرت وزارة الاقتصاد في الحكومة السورية قراراً منعت بموجبه استيراد الأجهزة المحمولة في سوريا.
ويمنع القرار أي جهاز موبايل من العمل على الشبكة السورية ما لم تقم شركة “إيما تيل” حصراً باستيراده.
ورافق منع الاستيراد، ارتفاع كبير في أسعار الأجهزة ووصلت للضعف.
ورأى أصحاب محال للهواتف النقّالة أن القرار جاء لتحقيق مكاسب مالية لشركة “إيما تيل” التي يديرها رجل الأعمال خضر علي طاهر الملقب “أبو علي خضر” والمقرب من أسماء الأسد.
ويجمع أصحاب محال بيع الهواتف النقّالة على أن مبيعات الأجهزة المحمولة قد انخفضت بنسبة 90 بالمائة بعد الارتفاع الكبير في الأسعار، واعتبروا ذلك “قطعاً لمصدر كسبهم”.
وقبل إصدار قرار تعليق التصريح الإفرادي عن الأجهزة في آذار/ مارس الماضي، وبحسب خبير اقتصادي وقانوني مقيم في دمشق، فإن “ابو علي خضر”، أدخل حوالي 450 ألف جهاز هاتف محمول إلى سوريا.
ولا ينوي سعد سراج الدين (50 عاماً)، وهو من سكان حي الشهباء بحلب، دفع أجور التصريح على هاتفه من نوع “ايفون 12 برو ماكس”، خاصة أن إجازته إلى مدينته قد شارفت على الانتهاء وسيعود إلى الإمارات بعد أيام.
ومنذ شهرين، جاء “سراج الدين” والذي يقيم في الإمارات لزيارة عائلته، لكن وبعد مرور شهر توقفت الاتصالات المحلية على هاتفه، إذ يحتاج لجمركة بمبلغ مليون ونصف المليون ليرة سورية.
ورأى “سراج الدين” أن الرسوم “صادمة وغير معقولة وتهدف الدولة من خلالها لتحصيل الأموال من المشتركين”.