تجارب لزراعة الزعفران في السويداء تنجح دون دعم

السويداء- نورث برس

لم تكن ميسون الحامد (٤٧ عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة من سكان ريف السويداء، جنوبي سوريا، تعرف شيئا عن زراعة الزعفران، والتي يُطلق عليه اسم الذهب الأحمر، عندما أقنعها أخوها المهندس الزراعي بأن هذه الزراعة إن كُتب لها النجاح، فستغير واقعها المعيشي إلى الأفضل.

وتملك ميسون مساحة ٤٠٠ متر مربع من الأرض أمام منزلها في ريف السويداء الشمالي، كانت مهملة، لكن أخاها شجعها على زراعتها بنبتة الزعفران لمردودها المادي الكبير، مع توفر التربة والمناخ المناسبين.

وبدأ الاهتمام بزراعة نبتة الزعفران كزراعة بديلة في السويداء مع تراجع زراعة المحاصيل الرئيسة وسط غياب الدعم الحكومي.

وخلال العامين الماضيين، ازدادت المساحة المزروعة بالنبتة لتصل لأكثر من 40 دونماً، والتي من المتوقع أن تزداد هذا العام، بحسب خبراء زراعيين.

ويبدأ موسم زراعة الزعفران مع نهاية الصيف وتزهر النبتة مع بداية تشرين الأول/ أكتوبر.

وتزدهر الزراعة في مناطق وظروف مناخية مطابقة لتلك الموجودة في السويداء.

جدوى اقتصادي

وفي أيلول/ سبتمبر من العام الفائت بدأت “ميسون” بتحضير الأرض وزراعتها بالزعفران، حيث قامت بشراء مئة من أبصال الزعفران من إحدى الصيدليات الزراعية.

واشترت المرأة البصيلة الواحدة من الزعفران بـ٣٥٠٠ ليرة سورية.

و حصلت بعد قطاف المياسم الحمراء من الزهور وتجفيفها على ١٥٠ غراماً من الزعفران، والذي باعته بمبلغ قدره مليونين و400 ألف ليرة سورية.

 ويبلغ سعر الغرام الواحد من الزعفران بحدود 16 ألف ليرة سورية.

يقول محمود مبارك (٥٢ عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد المزارعين في ريف السويداء، إنه توجه منذ عامين لزراعة الزعفران لمردوديته المرتفعة.

فهو لا يحتاج الى جهد كبير ومتابعة، كالتي تحتاجها باقي المحاصيل التي تزرع في السويداء، كما أن تربة المنطقة مناسبة جدا لزراعته.

ويشير “مبارك” إلى أن الزراعات التقليدية بريف السويداء كالقمح و الشعير لم تعد مجدية اقتصادياً للمزارع، ولا تغطي تكاليف زراعتها، بسبب غياب الدعم الحكومي للمزارعين، وخاصة خلال السنوات الخمسة الفائتة.

 ويضيف أن مساحة ٥٠٠ متر مربع  مزروعة بالزعفران، تعود بمردود أفضل من عشرات الدونمات من القمح والشعير.

وعلى الرغم من صعوبة تسويق المنتج الذي يعتبر جديداً في سوريا، إلا أن “مبارك” تمكن من بيع محصوله العام الفائت لتجار دمشق، بمبلغ ثلاثة ملايين و200 ألف ليرة سورية، من إنتاج مساحة أرض تبلغ نصف دونم بجانب منزله.

 ودفع مقدار الربح الذي حصل عليه من زراعة الزعفران لتغطية تكلفة التوسع هذا العام لتشمل مساحة دونمين من الأرض.

ظروف مناسبة

ويقول وجدي العالم (٤٤ عاماً)، وهو اسم مستعار لمهندس وخبير زراعي، إن الشرط الأول لنجاح زراعة الزعفران هو ارتفاع المكان عن سطح البحر بما لا يقل عن 600 متر.

و كلما كان الجو بارداً كانت زهور الزعفران أفضل، ورائحتها أقوى وتويجاتها أكثر صلابة وأي مصدر للتلوث يؤثر فيها، بحسب المهندس.

لكن الأمر لا يخلو من عقبات تواجه زراعة الزعفران في السويداء كإمكانية تعرضه  للمهاجمة من قبل الأرانب البرية أو الخلد وصعوبة تصريف المنتج، بالإضافة لقلة الخبرة في التعامل مع هذا النبات.

واعتبر مسؤول حكومي سابق في مديرية الزراعة في السويداء، أن الإهمال الحكومي وعدم الاكتراث لهذه الزراعة البديلة الناجحة، ضيّع فرصة الاستثمار فيها، وحرم آلاف المزارعين من إمكانية تحسين ظروفهم المعيشية.

ويضيف المسؤول الحكومي السابق، أن دولاً عديدة تستفيد اقتصاديا من تصدير الزعفران، الذي يطلق عليه اسم “الذهب الاحمر”، لأسعاره المرتفعة، حيث يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه بين خمسة آلاف وسبعة آلاف دولار.

وبحسب المسؤول السابق، فإن محاولات حكومية خجولة  بذلت من مديرية زراعة السويداء ومركز البحوث الزراعية لزراعة الزعفران، لكنها لا ترتقي إلى مستوى التنفيذ.

إعداد: سامي العلي- تحرير: حسن عبدالله