إدلب- نورث برس
مع طلوع كل فجر، ينطلق الطفل وليد العبوس (عشرة أعوام) من خيمته في مخيم أطمة بريف إدلب، شمال غربي سوريا، وهو يدفع أمامه عربة ذات ثلاث عجلات إلى إحدى الأفران القريبة، بهدف الحصول على كمية من المعجنات لبيعها من خلال التجوال.
ويعمل نازحون في إدلب، بينهم أطفال ومسنون، كباعة على عربات متجولة، بهدف تأمين تكاليف معيشتهم في ظل الغلاء والفقر الذي يعيشونه.
ويعرض الباعة ما لديهم من بضائع في الطرقات والحارات ومخيمات النازحين وأمام أبواب المدارس والحدائق العامة.
ويحدث هذا وسط شحّ فرص العمل وارتفاع الإيجارات، وبعد أن خسر هؤلاء مصادر كسبهم أو فقدوا معيليهم.
وفي آذار/ مارس الماضي، حدد فريق منسقو استجابة سوريا نسبة البطالة في مناطق شمال غربي سوريا، بـ 89 بالمائة.
مصدر كسب
ويتحمل “العبوس” مشقة الوقوف تحت أشعة الشمس خلال ساعات النهار، حتى يبيع ما لديه ويتمكن من مساعدة والده في تأمين احتياجات المنزل والعائلة.
ويقول الطفل إن راتب والده الشهري (300 ليرة تركية) الذي يعمل في محل للمواد الغذائية لا تكفي لتأمين احتياجات عائلته الضرورية.
وقال الحاج أنس السلوم، وهو نازح مسن في مخيم حربنوش بريف إدلب الشمالي، إنه اضطر للعمل على عربة جوالة، للإنفاق على نفسه وزوجته التي تعاني من مرض مزمن.
ويقوم الرجل الستيني بالتوقف بين الفينة والأخرى أثناء دفعه لعربته المحملة بالذرة المسلوقة أمامه، لالتقاط أنفاسه والمناداة على المشترين.
وكان “السلوم” يعتمد على مردود أرضه الزراعية في ريف معرة النعمان الشرقي، لكنه خسره بعد نزوحه.
وعلى الرغم من صعوبة دفع العربة لرجل بسنه، إلا أن “السلوم” يفضل العمل على طلب المساعدة من الآخرين.
ويقوم الرجل ببيع الفول في الشتاء وعرانيس الذرة في الصيف، معتمداً على عربته التي يتنقل بها من مكان لأخر.
ويضيف: “حين لا أقوى على دفع العربة، أركنها على جانب الطريق وأجلس في ظلها لأستريح قبل مواصلة الطريق.”
ومنذ ساعات الصباح ينتشر باعة متجولون بين أحياء المدن والأرياف، حيث تصدح أصوات مكبرات الباعة للمناداة على البضائع وجذب المشترين.
وتتنوع المواد التي يعرضها الباعة بين الخبز والخضار والفواكه والوجبات السريعة وغيرها من المواد التي يحتاجها السكان في حياتهم اليومية.
ويبيع محمود الحاكورة (31 عاماً)، وهو نازح في مدينة إدلب، طبق “الكبة” على عربته التي يركنها بالقرب من الأماكن المزدحمة في المدينة.
ولم يتمكن الشاب من استئجار محل ليفتتح مطعماً ويمارس مهنته الأساسية كطاهٍ بسبب ارتفاع آجار المحال، فاشترى عربة وبدأ ببيع الكبة عليها.
يقول إنه يواجه صعوبات أثناء عمله حيث يضطر للوقوف تحت برد الشتاء وحرّ الصيف، إلى جانب مخاطر الازدحام المروري وصعوبة تحريك العربة أثناء الطهي.
ويأمل الشاب في أن يتمكن من استئجار محلّ بسوق إدلب الشعبي ليطور عمله.
إقبال زبائن
ويجد سكان في إدلب وخاصة النازحون منهم في العربات الجوالة فرصة لشراء ما يحتاجونه بأسعار مقبولة.
ويكفيهم الباعة المتجولون عناء الذهاب إلى الأسواق في ظل بعدها عن المخيمات
وقلة وسائل النقل وارتفاع تكاليفها.
وتنتظر سعدية الموسى (33 عاماً)، وهي من سكان مخيم كللي بريف إدلب الشمالي، قدوم الباعة المتجولين لتبتاع ما تحتاجه بشكل يومي.
تقول: “لا أستطع تحمل مشقة السير إلى السوق الذي يبعد عنا حوالي ثلاثة كيلومترات، لذلك أنتظر وصول العربات الجوالة لشراء الخضار والفواكه وحتى الملابس والمنظفات وغيرها”.
وتشير النازحة إلى أنها تجد أسعار الباعة المتجولين أفضل من أسعار المواد الموجودة في الأسواق.