موظفو رقابة في بالسويداء: ضغوطات متنفذين حكوميين تعيق البت في ملفات فساد

السويداء- نورث برس

تتسبب ضغوطات من مسؤولين حكوميين وضباط أمن، تربطهم علاقات وطيدة بأشخاص نسبت إليهم تهم بهدر المال العام، بعدم البت في شكاوى فساد في السويداء جنوبي سوريا.

ويرى أعضاء في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش- فرع السويداء أنه ليس هناك آليات فعالة واستقلالية تامة تسمح للمفتشين بالبت في ملفات فساد كثيرة بسبب تلك الضغوطات ما يؤدي لغياب وضعف دور الهيئة الحكومية ويزيد من تفاقم نهب المال العام.

وتتجمع في مكاتب فرع الرقابة، وبحسب المصادر ذاتها، شكاوى وملفات فساد مالي وإداري لموظفين حكوميين نُسبت إليهم تهم بهدر المال العام ومخالفات إدارية في التعيينات.

لكن معظم تلك الملفات لم يتم تحويلها إلى القضاء المختص لأسباب تتعلق بعدم اكتمال بعضها، بينما تدخل مسؤولون حكوميون وجهات أمنية لإيقاف شكاوى أخرى.

ويرى سكان في السويداء أن تنامي “الفساد” الحكومي من الناحيتين الإدارية والمالية وتخلي حكومة دمشق في معالجة المسائل الأمنية والاقتصادية وغياب دور القضاء، عوامل ساهمت في الانكفاء إلى عباءة العائلة والمضافة للبت في قرارات حياتية وخلافات مجتمعية.

“ضغوطات أمنية وحزبية “

وقال فراس حبيب (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لموظف في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في السويداء، إن كثرة الشكاوى وتكررها بحق الأشخاص أنفسهم أجبر الهيئة لإحالة عشرة ملفات فقط للقضاء طوال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.

وأضاف أنها كانت تتعلق بفساد مالي لمديري مؤسسات إنتاجية، “ولكن القضاء لم يصدر أي حكم بحقهم اللحظة”.

ومنذ بداية العام الفائت 2020 حتى الآن، وردت 35 شكوى مرفقة بتقارير موثقة وتواريخ عن تجاوزات مالية واختلاسات لهيئة الرقابة في السويداء، وفقاً للموظف الحكومي.

وطالت تلك الشكاوى مدراء حكوميين ورؤساء أقسام في دوائر ومقاولين وتجار تربطهم مصالح عمل وصفقات مالية مرتبطة بمناقصات وفض عروض رست عليهم مقابل “رشى” تم دفعها ونسب مالية ومحاصصات تنتهك القانون.

واستذكر “حبيب” قضية صفقة البطاطا عام ٢٠١٩  بين المؤسسة السورية للتجارة وتجار في السويداء، حيث تم البيع بأسعار أعلى من التسعيرة الحكومية لتسرق الفروقات التي قدرت بـ١٠٠ مليون ليرة سورية، بحسب محضر الضابطة التفتيشية.

وتورط مدير المؤسسة السورية للتجارة، آنذاك، في الصفقة، بينما اكتفت الجهات الحكومية حينها بإقالته من منصبه دون إحالته إلى القضاء.

ويشدد الموظف على أن الهيئة كانت تمتلك “أدلة دامغة” بحق مدير المؤسسة إلا أن “ضغوطات أمنية وحزبية كبيرة حالت دون أن يأخذ القانون دوره”.

علاقات مع جهات أمنية

ولم يخفِ حاتم عالية (55 عاماً)، وهو اسم مستعار لمسؤول حكومي في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بالسويداء، أن الفساد والمحسوبيات طالت بعض مفتشي الهيئة أنفسهم، رغم أنه حصر الأمر بمن “تم إعفائهم من مهامهم”.

لكنه شدد على ضرورة إعادة تفعيل آليات العمل الرقابي وحماية المفتشين من ضغوطات يتعرضون لها أثناء أداء عملهم الوظيفي.

وبداية أيار/ مايو الماضي، رفع موظفون في دائرة حكومية في السويداء شكوى جماعية إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بحق أحد المحاسبين الماليين تتعلق بعدم صرف تعويضات مالية لـ250 موظفاً بقيمة مالية قدرت بـ 20 مليون ليرة سورية، بحسب فرح العواد (50عاماً) وهو اسم مستعار لموظف حكومي.

وذكر “العواد” أن مفتشي الرقابة المركزية أحالوا الملف بعد التحقيق إلى القضاء، “إلا أن  المحاسب المالي استطاع ومن خلال علاقاته مع جهات أمنية في السويداء ودمشق التملص من المحاسبة القضائية”.

كما أن المحاسب تحجج بأن أوامر الصرف المالي جاءت متأخرة إليه من البنك العقاري، “ليتم دفعها فيما بعد للموظفين بعد أن كشف أمره”.

وأضاف الوظف أن محافظ السويداء اكتفى بنقل المحاسب آنذاك إلى دائرة أخرى دون محاسبته.

إعداد: سامي العلي- تحرير: سوزدار محمد