إدلب – نورث برس
لم يخفِ أحد أقرباء أحمد الصبوح (10أعوام) وهو نازح من ريف حماة الشمالي إلى مدينة سرمدا شمال إدلب، شمال غربي سوريا، تعرض الطفل للتعنيف الجسدي بشكل شبه يومي على يد والده خاصة بعد وفاة والدته.
وأجبر الوالد، الطفل على ترك مقاعد الدراسة والعمل في إحدى ورش تصليح السيارات، حيث يتعرض للضرب من صاحب الورشة “المعلم” أيضاَ، وفقاً لما ذكره أحد الأقرباء الذي فضل عدم ذكر اسمه لنورث برس.
وفي أكثر من مناسبة، قال الوالد لصاحب الورشة، “اللحم لك والعظم لنا”، في إشارة منه أنه لا يمانع بضرب طفله، بحسب المصدر.
ويعمل “الصبوح” قرابة تسع ساعات يومياً مقابل عشرة ليرات تركية يعطيها لوالده حين عودته إلى المنزل.
وبحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) نشر في آذار/ مارس الماضي، فإن “90%من الأطفال في سوريا يحتجون إلى الدعم إذ يدفع العنف والأزمة الاقتصادية وجائحة “كوفيد-19″ العائلات إلى حافة الهاوية”.
ورغم غياب الإحصائيات الدقيقة لمقارنة نسب تعنيف الأطفال في سوريا قبل الحرب وبعدها، إلا أنه ووفقاً لتقرير لمنظمة الصحة العالمية نشر في 2019، فإن خمسة أطفال من كل عشرة في سوريا يتعرضون للعنف.
ووفقاً لمنظمة يونيسف، هناك 2,8 مليون طفل سوري لا يرتادون المدرسة، بحسب تقرير نشرته المنظمة في آذار/مارس الماضي.
وبداية أيار/ مايو الماضي، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بخبر وفاة الطفلة “نهلا عثمان” التي تعرضت “للمعاملة الوحشية” على يد والدها في مخيم “فرج الله” بريف إدلب الشمالي.
وقال مصدر من المخيم حينها لنورث برس، إنّ والد الطفلة هو عنصر في هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وقد بقيت معه نهلة بعد طلاق والدتها، وكبلت بسلسلة حديدية لمدة 5 أشهر.
وأضاف المصدر أن “والدها كان يعاملها معاملة سيئة”، وأرجع تكتم سكان المخيم تكبيل الطفلة إلى “الخوف من ردود أفعال انتقامية قد يلجأ إليها الوالد”.
ونشر الناشطون صوراً للطفلة أثناء لعبها داخل المخيم في فترة زمنية من هذا العام، وأظهرت سلاسل حديدية تكبل إحدى يديها، وهي تقف بالقرب من إحدى السيارات في المخيم.
وتحذر رامية منصور (42عاماً) وهو اسم مستعار لمشردة نفسية واجتماعية من مدينة إدلب، من تفاقم ظاهرة تعنيف الأطفال في إدلب، لما تتركه من آثار سلبية على المدى الطويل وذلك على كافة المستويات النفسية والجسدية والاجتماعية.
وتشير “منصور” إلى أن التعنيف يؤثر على الطفل، إذ يصبح محباً للعزلة وانطوائياً على نفسه “وهو ما يدفعه لاحقاً للتفكير بالانتحار”.
كما أن “الظاهرة الخطيرة” تؤثر على مستوى تفكير الأطفال، ما يجعلهم أحياناً “عدائيين” في المجتمع المحيط، إضافة إلى انعدام الثقة بالنفس والإصابة بالاكتئاب وأمراض أخرى، وفقاً لما ذكرته المرشدة الاجتماعية.
وترى “منصور” أن جلسات التوعية وفرض قوانين حقيقية وصارمة من شأنها الحد من هذه الظاهرة.
وفي منتصف كانون الأول/ديسمبر العام الماضي، تعرضت طفلة في العاشرة من عمرها لضرب وتعنيف جسدي من مُدرسٍ في مدرستها في مخيم شمارين بريف إدلب.
وقال مصدر محلي حينها لنورث برس إن الطفلة تلقت تعنيفاً جسدياً في مدرستها، ما أدى لإصابتها برضوض وتشوهات في وجهها.
وأضاف المصدر أن المدرس ضرب الفتاة وعنفها وجعل بقية الطلاب “يبصقون عليها” قبل أن يطردها خارج المدرسة.
ورصدت كاميرا نورث برس علامات التعنيف والضرب على جسد حمدو الضاهر (11عاماً) وهو اسم مستعار لطفل من مدينة الدانا، شمال إدلب، أثناء تجوله رفقة أصدقائه في شوارع مدينته.
ويظهر على وجه الطفل علامات الانتفاخ والازرقاق.
ولكن والدة الطفل قالت لنورث برس إن والده ضربه بعد أن فقد 35 ليرة تركية أثناء ذهابه لشراء بعض الحاجيات من سوق المدينة.