عمال في السويداء: مكتب التشغيل لم يساعدنا منذ تأسيسه

السويداء – نورث برس

يقف حسان الريّان (٤٧ عاماً)، وهو اسم مستعار لعامل مياوم في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، منذ الصباح الباكر في ساحة السير (مركز تجمع للباحثين عن عمل بأجر يومي)، وحتى المساء بانتظار الحصول على فرصة عمل يومي، بعد أن تقطعت به السبل في إيجاد مهنة أو وظيفة ثابتة.

يقول إنه تقدم قبل تسع سنوات بطلب إلى مكتب التشغيل في السويداء من أجل الحصول على فرصة وظيفة، إلا أنه لم يتلق أي ردّ.

ويشير إلى أنه ومجموعة من العاطلين عن العمل توجهوا منذ ثلاثة أشهر إلى مكتب محافظ السويداء وطالبوه بتوظيفهم،  ووعدهم المحافظ بأن ينظر في أمرهم، ولكنهم لم يحصلوا على رد حتى اليوم.

ويتجمع في ساحة السيرفي مركز مدينة السويداء، عشرات الرجال الباحثين عن فرصة عمل يومية، كما يتوجه إليها أيضاً من يحتاج لأيد عاملة فيتم الاتفاق حول طبيعة العمل وأجرته.

وعام ٢٠٠١، أُحدث مكتب العمل والتشغيل الحكومي بغرض إيجاد فرص عمل وتوظيف الأشخاص المناسبين وفقاً لمؤهلاتهم في الأماكن الشاغرة ضمن الدوائر الحكومية.

 لكن سكاناً يشككون بجدوى ووجود هذا المكتب في ظل ارتفاع نسب البطالة وقلة فرص العمل، بالإضافة إلى “المحسوبيات” التي تلعب دوراً كبيرا في عملية التوظيف.

ويقول “الريان” إن “الواسطة والمحسوبيات، هي من تحكم مكتب التشغيل”.

فقد حصل الرجل على وظيفة حارس ليلي في إحدى المستشفيات، لكن سرعان ما تم تسريحه بعد انتهاء مدة عقده وهي ثلاثة أشهر، ليتم تعيين قريب أحد المسؤولين الحكوميين مكانه، بحسب “الريّان”. 

وتتجاوز نسبة البطالة في السويداء حالياً ٤٢ ٪ ، بحسب إحصائية أجراها مكتب التخطيط والتنمية السكانية الحكومية، وهي نسبة عالية جداً.

لكن باحثين اجتماعيين واقتصاديين اعتبروا أن مؤشرات البطالة وأعدادها تفوق هذه النسبة بكثير.

وينتظر سالم متعب (٤٥ عاماً)، هو اسم مستعار لأحد سكان ريف السويداء، لساعات طويلة في مع عمال آخرين، بفارغ الصبر الحصول على عمل ليومه أياً كان نوعه، مقابل الحصول على أجر يسدّ به رمق عائلته.

وكثيراً ما يقضي الرجل نهاره جالساً تحت أشعة الشمس الحارقة، ليعود نهاية اليوم إلى منزله دون أن يحصل على أي فرصة.

ويشير “متعب” إلى أنهم لم يعودوا يساومون كثيراً على أجرتهم، مكتفين بالموافقة على شروط صاحب العمل، بسبب حاجتهم الماسة لأي مبلغ مهما كان قدره.

ويضيف أن الأجور اليومية التي يتقاضاها، حسب الأعمال المختلفة في الحقول أو تفريغ وتحميل حمولة الشاحنات أو العمل في تحميل الباطون داخل مشاريع البناء، لا تتجاوز عشرة آلاف ليرة سورية في اليوم.

وهو مبلغ بالكاد يكفي لتأمين الخبز وبعض الخضار لعائلته المكونة من زوجته وأربعة أطفال، بحسب الرجل.

وقال مسؤول حكومي في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في السويداء، لنورث برس، طلب عدم الإفصاح عن هويته، إن عدد الطلبات المقدمة على التوظيف منذ عشر سنوات وحتى نهاية شهر حزيران/ يونيو الفائت بلغ 5.500 طلب.

وأشار المسؤول إلى أن ما تم توظيفه من الطلبات المقدمة لا يتجاوز ٥٪ فقط، كحراس منشآت حكومية ومستخدمين، وذلك بالتواصل مع الدوائر والمؤسسات الحكومية في السويداء.

بينما بلغ عدد المتقدمين للوظائف إلى مكتب العمل والتشغيل في السويداء من خريجي جامعات ومعاهد وشهادات ثانويات عامة فقط ما يزيد عن 40 ألف طلب وظيفي، ٦٠٪ منهم إناث.

ولم تتعدَّ نسبة التوظيف التي حققها مكتب العمل ٤٪ من المتقدمين، معظمهم كانت الواسطة حليفهم، بحسب المسؤول.

ويرى موظف الشؤون أن الحكومة السورية أخفقت في امتصاص البطالة الحاصلة، كما لم يتمكن مكتب العمل والتشغيل في المدينة من حلّ المشكلة على مدار 20 عاماً.

 ويعيد المسؤول السبب إلى غياب شواغر العمل وعدم إحداث فرص التوظيف من قبل الحكومة ، ما “زاد بشكل كبير في تفاقم البطالة داخل السويداء”.

إعداد: سامي العلي – تحرير: حسن عبدالله