دمشق ـ نورث برس
قدِّر خبراء تنمية اقتصادية في ريف دمشق، تراجع أعداد الثروة الحيوانية في سوريا إلى أكثر من 50% مؤخراً، بسبب تكاليف التربية المرتفعة وانخفاض القدرة الشرائية، خاصة بعد رفع أسعار مؤسسة الأعلاف لسعر العلف إلى 60% .
وشدد الخبراء على أنه ريثما يتم تطبيق هذا القرار بعد شهرين، أقدم الكثير من المربين على عرض أبقارهم للبيع لعجزهم عن تأمين حاجتها اليومية من الأعلاف، التي تصل سنوياً إلى نحو 9 ملايين.
ووصفوا هذا الرقم بـ”الكبير جداً” على المربين، وأنهم لو كانوا يمتلكونه لما عملوا في تربية الأبقار.
وتوجه الكثير من المربين إلى بيع الأبقار التي يربونها خفض أسعار الأبقار إلى أكثر من النصف.
ويعيش حسن علي (67 عاماً) من ريف اللاذقية، وأسرته من تربية الأبقار، ولكنه الآن لم يعد يستطيع الاستمرار بهذه المهنة، لأن كلفة البقرة الواحدة في اليوم تصل إلى نحو 25 ألف ليرة.
وتحتاج البقرة الواحدة في اليوم إلى 10 كيلو غرام من العلف تصل قيمتها إلى 17.500 ليرة، وأن هذا الرقم سيصل إلى 20 ألف ليرة خلال شهرين بعد رفع سعر الأعلاف بنسبة 60 % في الدولة.
وهذا الارتفاع سيؤثر على القطاع الخاص الذي بدوره سيرفع أسعاره أيضاً، أي أن تكاليف اليوم الواحد مع التبن وتكاليف التربية الأخرى ستصل إلى 25 ألف ليرة، وفي الشهر 750 ألف ليرة، إذا تم استثناء الأمراض الأخرى وحالات النفوق التي تنتشر بين فترة وأخرى.
وشدد “علي” لنورث برس عبر اتصال هاتفي، على أن الكثير من المربين لم يتمكنوا من بيع أبقارهم رغم عرضها للبيع في السوق، وأن البقرة التي كان سعرها يزيد عن 7 ملايين انخفض الآن إلى أكثر من النصف.
الأغنام أيضاً
والحال ذاته ينطبق على قطاع الأغنام، “فمن يملك 400 رأس غنم يحتاج يومياً إلى 600 ألف ليرة سورية ثمن علف”، بحسب ما قاله خبير تنموي لنورث برس فضل عدم ذكر اسمه.
واقترح الخبير التنموي أن يتم تخفيض أعداد الأغنام الكبير الموجود عند المربين عن طريق شراء قسم منها بسعر مجزي، وتقديم تسهيلات لأسر أخرى بحيث تقتني 10 رؤوس.
وأشار إلى أن هذا الأمر سيحافظ على الثروة الحيوانية من الأغنام ويخفف تكاليف تربيتها، على أن يستفيد الجميع من هذه العملية سواء صاحب الأغنام أو المربي، لأن الأسرة الواحدة تستطيع أن تربي 10 أغنام، وتطعمها من أراضيها، وتخفض بتكاليف أقل.
وأضاف: “يمكن تطبيق الأمر ذاته مع الأبقار، لأن هذا من وسائل تخفيض تكاليف الإنتاج، وإنقاذ الثروة الحيوانية في سوريا”.
كما اقترح الخبير تفعيل مصادر دخل أخرى في مواجهة ارتفاع أسعار الأعلاف، من بينها “إدخال عملية (سماد الدود) من سواد البقر في تخفيض التكاليف، حيث يمكن للبقرة أن تنتج في اليوم بقيمة 10 آلاف ليرة سماد”.
وهذا الرقم يمكن أن يحل مشكلة ارتفاع التكاليف دون رفع أسعار الحليب، لأن رفع أسعار الحليب بما يتناسب مع التكاليف الحالية سيجعله خارج قدرة المستهلكين، بحسب الخبير.
وقلصت معظم العائلات كثيراً من استهلاكها للحليب، فـ”الأسر التي كانت تستهلك في الأسبوع 10 كيلو من الحليب خفضت الكمية إلى 2 كيلو، وهنالك من أحجم نهائياً عن شراء الحليب”.
وتتمثل المشكلة الأخرى في أنه إذا “باع المربي دون التكلفة أيضاً سيخسر ويبيع ما يملكه كما يحصل الآن”.
ويقول عبد الله عوض وهو مربي أبقار في سهل الغاب في حماة، إن الأسواق في منطقته لا تستهلك الإنتاج الموجود فيها من الحليب بسبب انخفاض القدرة الشرائية للسكان، وارتفاع سعر كيلو الحليب.
إجراءات إسعافيه
مدير جمعية اللحامين ادمون قطيش، شدد في تصريحات متعددة لوسائل إعلام محلية، أنه على الحكومة مواجهة الكارثة التي تواجه الثروة الحيوانية، والعمل على دعمها لمنع تهريبها بسبب فرق الأسعار بين بيعها للسوق الداخلية وبيعها في الخارج الذي يصل في العجل إلى أكثر من 800 ألف ليرة.
ويتزامن هذا مع زيادة الدعم على الأعلاف، لأن المربين لن يستمروا مع استمرار تعرضهم للخسائر، وأن عدد المربين الذين يخرجون من التربية يزداد يومياً، بحسب “قطيش”.
وأشار إلى أن الإنتاج الحالي من اللحوم يكفي الحاجة حالياً بسبب انخفاض القدرة الشرائية، وفي حال تحسن سيتبين حجم النقص الكبير.
والحال ذاته ينطبق على المداجن، إذ أن ارتفاع تكاليف الإنتاج يجعل الخارجين من هذه المهنة في ارتفاع يومي.
وكإجراء وقائي وافقت رئاسة الوزراء في العاشر من هذا الشهر على مقترح السماح بتصدير مليوني صوص فروج إلى دول الجوار (لبنان، الأردن، العراق) لمدة شهرين، وذلك، بسبب ارتفاع تكاليف إنتاجه أكثر من مبيعه.
وشدد صاحب أحد المداجن في حديث لنورث برس، على أن سعر مبيع الصوص في السوق المحلية لا يتجاوز 300 ليرة، بينما تصل تكاليفه إلى أكثر من 1000 ليرة.
وكيلا تتضاعف الخسائر بخروج أعداد كبيرة من مربي أمات الفروج وحصول نقص في توفر صوص الفروج تم اتخاذ هذا القرار كإنقاذ لهذه الثروة.