حماة- نورث برس
يبحث محمد المدني (24عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب في السنة الخامسة في كلية الطب البيطري في جامعة حماة، وسط سوريا، مساء كل يوم، عن مكان تتوفر فيه الإنارة وسط التقنين الحاد للكهرباء في المدينة أيام الامتحانات.
ويجد طلاب في جامعة حماة، صعوبات في الاستعداد للامتحانات ومراجعة المواد، بسبب استمرار زيادة ساعات تقنين الكهرباء والذي يتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة.
ويلجأ البعض للدراسة في حدائق وشوارع وكافيتريات ومكتبات تتوفر فيها الكهرباء، فيما يضطر آخرون للدراسة على ضوء شمعة أو مصابيح هواتفهم لحين نفاذ بطارياتها، وسط تخوف البعض من الرسوب في مواد لم يتمكنوا من مراجعتها.
وفي الثاني عشر من الشهر الماضي، بدأت الامتحانات الجامعية في جامعة حماة، ومن المقرر أن تنتهي في العشرين من الشهر الجاري.
ويجوب “المدني” الحدائق والشوارع أحياناً للحصول على مكان مضاء بهدف التحضير لامتحان اليوم التالي، أو يتوجه لمنزل صديق له تعتمد عائلته على ألواح الطاقة الشمسية.
وتعيش مناطق سيطرة الحكومة نظام تقنين كهربائي حاد يصل في بعض المناطق إلى 20 ساعة قطع، وسط تصريحات حكومية عن نقص التوريدات النفطية وإجراء صيانة لبعض محطات الطاقة الكهربائية.
وفي الثامن والعشرين من الشهر الماضي، قال رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس، خلال لقائه بصناعيين في مدينة حسياء بحمص، إن “تأمين الكهرباء ليس بالأمر السهل، لكن توجهنا إلى الطاقات البديلة التي توفر أسرع طريقة لتأمينها للمواطن”.
لكن معظم المزارعين وأرباب المهن والسكان يعجزون عن تحمل تكاليف تركيب الألواح في ظل تراجع مستويات الدخل وارتفاع الأسعار.
“ظروف غير مناسبة”
وتشتكي زينة الطنبر (22 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالبة في كلية الاقتصاد في جامعة حماة، وطلاب آخرون من غياب وسائل التبريد والكهرباء في قاعات الامتحان.
وتتذمر الطالبة من عدم تشغيل المولدات خلال ساعات تقديم الامتحان، وهو “ما يسبب صعوبة في التركيز وسط ارتفاع درجات الحرارة، ويدفعنا للإسراع في الأجوبة للخروج من القاعة”.
وخلال ساعات النهار، تقصد “الطنبر” قاعة المركز الثقافي في عين اللوزة بحماة بهدف الدراسة، إذ تتوفر فيها الكهرباء ولكنها تغلق في الثالثة ظهراً.
وتضيف: “لا يمكنني اللجوء للكافتيريات لأنها مكلفة وأجواؤها غير مناسبة للدراسة”، فيبقى ضوء الشمعة بالرغم من أنه مرهق الخيار الوحيد أمامي”.
وفي وقت سابق، قال أحمد اليوسف، وهو المدير العام لشركة كهرباء حماة، لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إن “التقنين الكهربائي شأن مركزي ولا علاقة للشركة به، وأن برنامج التقنين يطبق حسب مخصصات المحافظة من الكهرباء.”
وتبلغ حصة حماة ما بين 200 و240 ميغا بحسب ظروف التوليد، “وبناءً على هذه المعطيات فإن برنامج التقنين هو في الوقت الحاضر ساعة ونصف وصل، مقابل أربع ساعات ونصف قطع”، بحسب “اليوسف”.
ويتسبب انقطاع الكهرباء في انقطاع مياه الشرب بسبب عدم توافق ساعات وصل الكهرباء مع مواعيد ضخ المياه، بالإضافة لتضرر أصحاب مهن صناعية ومزارعين لعدم تمكن من تخزين منتجاتهم الصيفية.
أعباء مرهقة
ويضطر عمران الصطيف (34 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب في كلية الهندسة المعلوماتية في جامعة حماة، لدفع مبالغ مالية للكافيتريا التي يقصدها بشكل يومي للدراسة.
ويقول رغم أن أجواء الكافيتريا غير مناسبة للدراسة، “إلا أنني مضطر لذلك”.
وتعجز عائلة “الصطيف” عن شراء ألواح الطاقة الشمسية بسبب ارتفاع أسعارها، كما أنها لا تملك إمكانات مادية لشراء مولدة كهربائية لعدم توفر وقود البنزين.
ويبلغ سعر اللوح الواحد للطاقة الشمسية حوالي 600 ألف ليرة سورية، بينما يبلغ سعر البطاريات المناسبة للألواح حوالي مليون ليرة.
ومنذ أكثر من عام، تشهد العاصمة وباقي مناطق سيطرة الحكومة أزمة نقص في المشتقات النفطية.
ولم تنجح السياسات الحكومية عبر تقنين تلك المواد من خلال اعتماد البطاقة الذكية والرسائل النصية في إيصال المخصصات لمستحقيها أو تخفيف الأزمات المعيشية.
يتشاءم “الصطيف” حيال توقعات نتائجه لهذا العام ويعتقد أن مستوى دراسته تراجع كثيراً، “فالدراسة أصبحت متعبة ومرهقة”.