نساء في تدمر يعملن في تحضير المؤونة وبيعها لإعالة عائلاتهن

تدمر- نورث برس

تنهمك خديجة اليوسف (29 عاماً)، وهي من سكان مدينة تدمر، بريف حمص الشرقي وسط البادية السورية، في إعداد المؤونة الشتوية بهدف بيعها في محال بالمدينة، إذ تجني من ذلك مبلغاً من المال يساعدها على إعالة عائلتها التي تضم طفلين اثنين.

وتقوم المرأة إلى جانب ما تبيعه في الأسواق، بإعداد المؤونة لطلبات خاصة لعائلات، والمساعدة في إعداد الطعام لربات منازل لديهن ولائم لمناسبات أو ضيوف.

وتلجأ نساء في تدمر فقدن معيل عائلاتهن خلال سنوات الحرب أو يعاني آباؤهن أو أشقاؤهن من أمراض مزمنة، للعمل في خياطة الملابس وإعداد المؤونة وبيعها في الأسواق أو إعداد كميات منها وفقاً لطلبات عائلات ميسورة الحال.

أعباء عائلية

وبعد وفاة زوجها إثر إصابته بشظايا صاروخ استهدف تدمر أثناء المعارك التي دارت بين القوات الحكومية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2016، وجدت “اليوسف” نفسها أماً وأباً لطفليها وأمام أعباء دفعتها للبحث عن عمل.

تقول الآن إنها تهدف لإيصال أطفالها إلى المرحلة الجامعية، إذ أن “التعليم سيساعدهم في إيجاد فرص عمل أفضل، ولتحميهم من الانخراط في قوات عسكرية والعمل بمهن لا تناسب أعمارهم”.

ويقبل أصحاب بعض المحال التجارية في تدمر على شراء المؤونة من النساء والتجارة بها في المدينة وبعضهم يرسلونها إلى محال تجارية أخرى في البلدات المجاورة.

وتوجهت نوار العبد الله (26 عاماً)، وهي من سكان المدينة، للعمل في إعداد المؤونة، لأن أشقائها أطفال ووالدها من ذوي الاحتياجات الخاصة.

 وكانت “العبد الله” تعمل كوافيرة نسائية ولكن لعدم امتلاك صالون خاص بها وتراجع العمل، بدأت تعد مؤونة في المنزل لعائلات في مدينتها.

وأشارت إلى قيامها بإبعاد شقيقها البالغ 11 عاماً عن العمل في محل تجاري، “خوفاً من التلاعب بعقله من قبل فصائل عسكرية للانضمام إليهم”، على حد تعبيرها.

وتلجأ فصائل مدعومة من قبل الحرس الثوري الإيراني كـ “لواء فاطميون” و”حركة النجباء”، ووفقاً لأصحاب ورش بناء وسكان محليين، إلى تشغيل الأطفال في أعمال البناء والإنشاء نظراً لانخفاض أجورهم المالية مقارنة بالعمال من فئة الشباب والمختصين في هذه الأعمال.

وبحسب سكان محليين في تدمر فإن الفصائل المدعومة من قبل إيران تحاول استقطاب الأطفال الذي يعملون لإعالة عائلاتهم عبر إغرائهم بالمساعدات الغذائية التي يتم تقديمها بشكل شهر”.

فرصة جيدة

وتتراوح أجور إعداد المؤونة بين 2.500 ليرة وثلاثة آلاف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، كما أن بعض النساء تتقاضى مبالغ مالية على إعداد كامل مؤونة لمنازل مقابل مبلغ مالي يتراوح بين 40 ألفاً و50  ألف ليرة سورية.

وتصنع النسوة دبس الفليفلة والبندورة والمربيات بأشكالها، والخضار المجففة، بالإضافة إلى المكدوس، بحسب الطلبات التي تردهن.

وترى نساء أن هذه الفرص جيدة لهن في ظل العادات والتقاليد التي تمنعهن من افتتاح محال تجارية في أسواق المدينة أو ممارسة مهن أخرى، بالإضافة إلى أنهن ومن خلال عملهن في المنزل تحمين أنفسهن من التعرض لمخاطر في ظل سوء الأوضاع الأمنية في المنطقة.

ويخشى سكان المنطقة بشكل عام من خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) التي تنتشر في محيط القرى بعمق البادية، وتقوم بتنفيذ اغتيالات لعناصر من القوات الحكومية وتهدد رعاة الأغنام في البادية.

وتحاول النسوة العاملات في المؤونة استغلال موسم إعداد المؤن قدر المستطاع، لجني مبالغ “أكثر”، وخاصة أن  الموسم لا يستمر سوى لأشهر.

إعداد: آية الأحمد- تحرير: سوزدار محمد