مخصصات المازوت القليلة وأماكن تسليمٍ بعيدة تمنع سكاناً في دمشق من استلامها
دمشق – نورث برس
فرحت سعاد محمد (60 عاماً)، وهي من سكان مدينة جرمانا بريف دمشق، بوصول رسالة تعبئة مازوت التدفئة مع رقم المعتمد، لكن سعادتها لم تدم لأكثر من ثوانٍ معدودة عندما علمت أن عليها الذهاب لمحطة وقود بعيدة لاستلام 50 ليتراً.
تقول السيدة إنها اتصلت بالمعتمد لتعطيه عنوان منزلها، لكنها فوجئت بجوابه “ما في داعي”، إذ طلب منها القدوم لمكان بعيد عن سكنها مع غالونين فارغين للحصول على الـ 50 ليتراً.
وتضيف أنها تعيش لوحدها بعد ما سافر أولادها خارج سوريا، وليس لديها القدرة على تحمل عناء تعبئة 50 ليتراً “لا تغني ولا تسمن من جوع”، على حد تعبيرها.
وبداية آب/أغسطس الجاري، أعلنت الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية “محروقات” التابعة للحكومة السورية، بدء التسجيل على مازوت التدفئة بمعدل 50 ليتراً فقط لكل عائلة.
وهذا العام، يقول سكان في العاصمة دمشق إنهم عزفوا عن استلام مخصصاتهم، بسبب بعد المعتمد المحدد عن منازلهم وارتفاع أجور نقل “الكمية القليلة” من أماكن بعيدة.
وذكر آخرون أن بعض موزعي المازوت يتلاعبون بالكيل ويتقاضون مبالغ زائدة.
ويقول سكان إنهم في كلي الحالتين، في حال استلموا مخصصاتهم أم لا، فإنهم سيضطرون لشراء المادة من السوق السوداء، إذ أن استهلاك المخصصات لن يدوم لأكثر من أسبوع خلال الشتاء.
والعام الماضي، كان معتمدو مادة مازوت التدفئة يأتون إلى منزل المستحقين للمادة لتعبئة مخصصاتهم السنوية المقدرة بــ 100 ليتر.
ويباع الليتر الواحد من المازوت في السوق السوداء بحدود ثلاثة آلاف ليرة، بينما يبلغ السعر وفقاً للتعرفة الحكومية 500 ليرة سورية.
تكاليف إضافية
والشتاء الفائت، خفضت الحكومة مخصصات السكان من مازوت التدفئة بمقدار النصف لتصبح 100 ليتر بدلاً من 200 ليتر، والآن خفضت الكمية إلى النصف.
وتعاني مناطق السيطرة الحكومية من نقص شديد في مادة المحروقات، إذ لم تستلم عائلات مخصصاتها السنوية من مادة مازوت التدفئة منذ أكثر من عام، رغم تسجيل أغلبها للحصول على المادة عبر تطبيق “وين”.
وفي العاشر من شهر تموز/يونيو الماضي، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر مادة المازوت إلى أكثر من الضعفين.
واضطر شادي ناصر، وهو موظف حكومي لشراء وعاءين فارغين لتعبئة 50 ليتراً، واتصل بمعتمد المازوت الوارد اسمه في الرسالة، واتفق معه على أنَّ يأتي لمكان تواجده عند الكنيسة في منطقة المزة شيخ سعد.
وبحسب قول الموظف، فإنَّه أخذ إجازة من عمله كي يتمكن من التعبئة، “لكن دون جدوى”، إذ لم يجد صهريج المازوت عند الكنيسة، وخط معتمد التعبئة كان مغلقاً لدى الاتصال به ولأكثر من مرة.
وهكذا خسر “ناصر” أجرة سيارة الأجرة التي أخذها لنقل مخصصات عائلته.
وذكر أن المعتمد أخبره في الاتصال الأخير أن عليه الانتظار عدة أيام حتى تصله رسائل من سكان آخرين من حيه وحينها سيتصل به المعتمد للقدوم وتعبئة مخصصاته.
لكن الموظف قال إنه لن يقوم بتعبئة مخصصاته وخاصة أنه سيتكلف بدفع أجرة سيارة تكسي أخرى ذهاباً وإياباً في حال قام بالتعبئة، “كما أن الكمية لا تستحق كل ذلك العناء”.
تلاعب بالكيل
وتفاجأ سامر الخليل بقيام المعتمد بتعبئة 45 ليتر فقط، “بحجة أن البيدون لا يعبئ بشكل كامل، رغم أن سعته 20 ليتر”.
وقال إنَّ استغلال المعتمد “لم يتوقف عند سرقة خمسة ليترات، بل تعداه لطلب إكرامية مقابل التعبئة”، مع العلم أن معتمد المازوت يتقاضى 10 ليرات عن كل ليتر مازوت وفقاً لنظام توزيع المادة.
والاثنين الماضي، قال مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية محمد باغ إنه لا يتخذ أي إجراء بحق أي موزع إلا في حال قيام “المواطن” بتقديم شكوى خطية تُفيد بالمخالفة المرتكبة سواء كانت بتقاضي مبالغ زائدة أو تلاعب بالكيل.
وذكر “باغ” لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية أن مخالفات تقاضي مبالغ زائدة أو الامتناع عن البيع تحتاج حصراً إلى ادعاء أو تصريح خطي.
وأضاف أن عقوبة تقاضي مبالغ زائدة بالمواد المدعومة من الدولة هي السجن وحجز الآلية وإحالة المخالف إلى القضاء.
لكن “الخليل” قال إنه رضخ لشروط المعتمد لأجل الحصول على 45 ليتراً بدل خسارتها وقيام المعتمد ببيعها بالسوق السوداء بثلاثة أضعاف السعر الحكومي.