احتكار فصائل إيرانية لتجارة مواد البناء بريف دير الزور يوقف حركة العمران
دير الزور– نورث برس
اضطر يوسف العواد (32 عاماً)، وهو من سكان مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي الخاضع لسيطرة القوات الحكومية، لبيع محله التجاري المدمر، لعدم قدرته على إعادة بنائه بسبب غلاء مواد البناء، وذلك بعد احتكار فصائل موالية لإيران لاستيراد وتجارة تلك المواد.
يقول “العواد” إن مبلغ 700 ألف ليرة التي جمعها من خلال عمله على سيارة عمومية خلال عامين، لم يعد يساوي شيئاً في الوقت الراهن، وسط ارتفاع أسعار مواد البناء والاكساء.
ويضيف أنه باع المحل بعد يأسه من تحسن الأحوال، ليستفيد من ثمنه في ظل الوضع المعيشي الذي يمر به.
واجهات اقتصادية
وتحتكر قيادات من الفصائل التابعة للقوات الحكومية والموالية لإيران، التجارة بشكل عام بريف دير الزور وتجارة مواد البناء بشكل خاص، ما يؤدي إلى رفع أسعارها، بحسب سكان.
ويعيش غالبية سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية وضعاً معيشياً متردياً نتيجة تدني قيمة الليرة السورية والعقوبات الأميركية والأوروبية على الحكومة ومسؤوليها.
وتشكل حركة النجباء ولواء فاطميون، وهما فصيلان مواليان لإيران، أبرز المتحكمين بتجارة مواد البناء في مدينة دير الزور وريفها.
ويقول عصام الجاسم، وهو اسم مستعار لتاجر مواد بناء من مدينة البوكمال، إن “الفصيلين قاما بوضع تجار تابعين لهما كواجهات اقتصادية للتعامل مع تجار الأسواق في الآونة الأخيرة، لاحتكار سوق مواد البناء والإكساء مع تحاشي العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.”
ويعتمد ريف دير الزور على مواد البناء العراقية بشكل رئيسي والتي يجري جلبها إلى الأراضي السورية عن طريق الواجهات الاقتصادية لتلك الفصائل، “وبتسهيل من حواجزها التي تسيطر على الطرقات والمعابر في الجانب السوري والعراقي”، بحسب تجار.
وقبل يومين، أعلنت الإدارة الأميركية إدراج حركة “عصائب أهل الحق” وجماعة “كتائب حزب الله” الموالية لإيران وحزب الله اللبناني، وشركتين تجاريتين بالإضافة لشركات روسية على قائمة العقوبات.
وقال جبار العلي، وهو اسم مستعار لقيادي في الدفاع الوطني، لنورث برس: “حتى الشاحنات التي تنقل مواد البناء تكون تابعة للفصائل الإيرانية بشكل مباشر، ويتم إدارتها من قبل واجهات اقتصادية، لتلافي فرض عقوبات أو رقابة عليهم.”
وأضاف أن “الشاحنات تدخل عبر الخطوط العسكرية من معبر السكك غير الشرعي مع الجانب العراقي بمحيط مدينة البوكمال، حيث يسيطر الحشد الشعبي من الجانب العراقي ولواء فاطميون من الجانب السوري”.
توقف مشاريع
ووفقاً للتاجر “الجاسم” فقد أدى احتكار الفصائل الإيرانية لاستيراد مواد البناء إلى غلاء أسعارها في الأسواق المحلية.
وأضاف أن “عملية البناء في مدينة دير الزور وريفها تشهد تراجعاً كبيراً بسبب غلاء الإسمنت والحديد والسراميك وأنابيب التمديدات الصحية، وباقي المواد التي تستخدم في عمليات البناء والاكساء”.
وذلك نتيجة عدم قدرة السكان على تحمل تكاليف الإعمار والإكساء في الوقت الراهن، وسط تردي الوضع المعيشي في المنطقة.
ووسط هذه الأوضاع، نادراً ما يحصل ناصر العبد الله، وهو عامل بناء من مدينة البوكمال، وزملاءه على عمل منذ قرابة ثلاثة أشهر.
ويعمل “العبدالله” حالياً في مستودع للمواد الغذائية، بعد توقف عمله في البناء، وذلك كي يتمكن من تأمين مستلزمات عائلته اليومية وعدم انتظار تحسن حركة العمران.
ويقول إن “معظم عمال البناء باتوا يعملون في المطاعم والمحال التجارية والمستودعات، بسبب الركود الذي يشهده عمل البناء”.