في ظل استمرار التصعيد.. منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب بدون خدمات أساسية

إدلب – نورث برس

يضطر سليم الخلف (58 عاماً)، وهو من سكان بلدة سرجة بمنطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، شمال غربي سوريا، للذهاب كل صباح إلى مدينة أريحا التي تبعد أكثر من 15 كيلومتراً لشراء حاجيات منزله من الخبز والخضراوات وغيرها من المواد الأساسية، إذ تفتقر بلدته المتاخمة لمناطق سيطرة القوات الحكومية لفرن ولمحال توفر احتياجات العائلات اليومية.

 وبحسب سكان، فإن منطقة جبل الزاوية تعاني منذ سنوات من واقع خدمي “سيء”، تفاقم مع التصعيد العسكري الأخير وعمليات القصف المتبادلة بين القوات الحكومية بدعم من روسيا وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا.

وتسببت العمليات العسكرية التي شهدتها ريف إدلب الجنوبي بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة في منتصف 2019 ومطلع 2020 بتدمير أكثر من 20 نقطة طبية في جبل الزاوية، وأكثر من 25 فرناً لإنتاج الخبز، بحسب ناشطين وسكان.

كما أدت أيضاً إلى تدمير معظم محطات ضخ المياه ومدارس وبنى تحتية أخرى.

ومنذ أشهر، تشهد جبل الزاوية والتي تضم قرابة 33 قرية وبلدة ومنطقة وسهل الغاب بريف حماة الغربي تصعيداً عسكرياً وعمليات قصف متبادل بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار المبرم منذ الخامس من آذار/مارس 2020.

وأسفر التصعيد الأخير عن مقتل وجرح عشرات المدنيين ونزوح المئات.

والسبت الماضي، قُتل أربعة أطفال وأصيب ستة أشخاص آخرين، في قصف مدفعي وصاروخي نفذته القوات الحكومية على بلدة قسطون في ريف حماة الغربي.

وبحسب مصادر عسكرية في المعارضة، قصفت قوات الحكومة مواقع لفصائل معارضة على محاور قرى وبلدات قسطون وخربة الناقوس وزيزون وتل واسط والمنصورة والمشيك والعنكاوي الواقعة بمنطقة سهل الغاب.

خدمات متدهورة

ويحدث ذلك في وقت يغيب الموقف التركي حول التصعيد العسكري في المنطقة، خاصة أن تركيا هي إحدى الدول الضامنة لاتفاق “خفض التصعيد”، كما أنها جزء من اتفاق “وقف إطلاق النار”.

وقبل نحو ثلاثة أسابيع، عقدت الدول الثلاث الضامنة (تركيا وروسيا وإيران) الجولة الـ 16 لاجتماعات أستانا، والتي أعلن بيانها الختامي تثبيت وقف إطلاق النار، لكن الأمور جرت على العكس من ذلك.

وخلال الأيام الماضية، شهدت عدة مناطق في إدلب، احتجاجات نددت بالصمت التركي إزاء التصعيد العسكري والذي أدى إلى مقتل وجرح العشرات.

ورفع المحتجون حينها لافتات كتب عليها، “إلى الضامن التركي السيد أردوغان إذا لم تستطع حماية أطفالنا دعنا نموت بهدوء من أجل أن يكتب التاريخ أن الجيش التركي يقتل أطفالنا”.

وبحسب سكان فإن  معظم قرى وبلدات جبل الزاوية وخاصة القريبة من مناطق سيطرة القوات الحكومية تعاني من انقطاع مياه الشرب وتوقف جميع الأفران عن العمل، الأمر الذي يجبرهم لارتياد أريحا أو مدينة إدلب أو قرى المسطومة وكفرلاتا  لشراء الخبز والأدوية في ظل افتقار المنطقة لصيدليات ومشاف.

كما أن المنطقة لا تتوفر فيها عيادات خاصة، وتضم عدة نقاط طبية  لكنها “ضعيفة وغير مؤهلة، إذ تقتصر الخدمات التي تقدمها على الإسعافات الأولية فقط”، وهو ما يفاقم وضع المرضى وخاصة حالات الولادة.

تكاليف تزداد

ويقول “الخلف” إن من تبقى في  قرى وبلدات جبل الزاوية هم من ذوي دخل محدود، “ولا يستطيعون ترك منازلهم والانتقال إلى إدلب أو مناطق أكثر أمناً رغم عمليات القصف المستمرة،  إذ ليس بإمكانهم دفع الإيجارات الشهرية للمنازل”.

وفي هذه الأثناء، يضطر السكان لشراء المياه بأسعار قالوا إنها باتت “مرتفعة”.

ويتراوح سعر صهريج المياه (25 برميلاً) بين 75 ليرة تركية و100 ليرة تركية، وذلك بحسب موقع المنزل وقربه من مناطق سيطرة القوات الحكومية.

ويقول محمد الحجي (35 عاماً) إن تأمين المياه تعد من أهم مشكلات سكان قريته منطف في القسم الشرقي من جبل الزاوية، وذلك بسبب توقف مضخة المياه الوحيدة في القرية عن العمل بعد تعرضها للقصف من قبل قوات القوات الحكومية منذ فترة.

ويشير إلى أن أسعار المياه “باهظة” ولا تتناسب مع دخلهم، في ظل زيادة الكميات المستهلكة وسط ارتفاع درجات الحرارة.

ورغم  سوء الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية والأوضاع الأمنية،  يفضل “الحجي”، البقاء في قريته على رحلة نزوح.

لكنه لم يخف خشيته من تسليم المنطقة للقوات الحكومية كما حصل سابقاً في ريف حماة الشمالي على الرغم من وجود النقاط التركية “التي لم تفِ بأي وعود قدمتها للسكان منذ دخولها وحتى اليوم.”

إعداد: براء الشامي – تحرير: سوزدار محمد