نقص الجثث المخصصة للأبحاث يحرم طلاب طب في دمشق واللاذقية من تدريبات عملية
دمشق – نورث برس
لم يتدرب علي سمير (21 عاماً)، وهو طالب في السنة الثانية بكلية الطب البشري في جامعة دمشق، حتى اليوم على جثة حقيقية، إذ يقتصر التدريب على جثث بلاستيكية “لا تفي بالغرض التدريبي”.
ولا يختلف حال “سمير” عن واقع خمسة آلاف طالب وطالبة في جامعة دمشق، و2800 آخرين بجامعة تشرين في مدينة اللاذقية.
ويعاني كل هؤلاء من غَلَبة الجانب النظري على العملي، واقتصار الممارسة العملية على فئات من الطلبة ولمرة واحدة خلال العام.
وفي السادس من الشهر الماضي أعلن عميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق، رائد أبو حرب، عن غياب التدريبات العملية التشريحية لطلاب السنتين، الأولى والثانية، من كلية الطب، بسبب نقص واضح في الجثث المستخدمة للجانب العملي.
وقال “أبو حرب” لصحيفة “الوطن”، شبه الرسمية، إن التدريب العملي لطلاب السنتين، الأولى والثانية، يقتصر الآن على حضور عدة طلاب فقط، للاطلاع على التشريح لمرة واحدة، “لكن الممارسة اليدوية للتدريب العملي تكون أقل بكثير”.
وبحسب عمادة كلية الطب البشري بجامعة تشرين فإن التدريبات تعتمد على مجسم إلكتروني يبقى لـ 40 عاماً، في حين تصل صلاحية استخدام الجثة الحقيقية لأغراض التشريح لسنتين فقط.
لكن طلاباً في الكلية يقولون إن تفاصيل جزئية لاختلافات التشريحيات الطبيعية بين الأجسام تغيب عن الدروس النظرية وشرحها عبر الصور أو النماذج البلاستيكية.
وتعد الجثث ضرورة مهمة لطلاب الطب تعرّفهم على أعضاء الجسم وتفاصيله الجزئية، وتتيح لهم رؤية الاختلافات التشريحية الطبيعية بين الأجسام.
ولا تستخدم سوريا جثث قتلى غير سوريين لأن الموضوع “غير أخلاقي ويجب مراعاة حرمة الميت مهما كان”، بحسب مصدر من هيئة الطب الشرعي في سوريا.
ويبلغ سعر الجثة الرقمية الإلكترونية 100 ألف دولار أميركي، ما يفوق إمكانات كليات الطب في جامعات الحكومة، بحسب عميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق.
أما البلاستيكية، فسجلت أسعاراً “خيالية” ووصلت تكلفتها إلى 80 ألف دولار أميركي، وهو ما اعتبره عميد كلية الطب البشري “خارج الإمكانات الحالية أيضاً لتأمين التدريبات الكافية للطلاب”.
وبحسب “أبو حرب”، فإنه يتم بشكل سنوي تأمين جثة أو اثنتين ليس أكثر للتدريب العملي.
وفي الثالث من الشهر الجاري أعلن رئيس هيئة الطب الشرعي في سوريا، زاهر حجو، عن إمكانية الهيئة واستعدادها لتأمين الجثث لمشارح الجامعات السورية بشرط موافقة القضاء.
وقال حينها، بحسب صفحة “سماعة حكيم” الطبية (صفحة طبية على فيسبوك يديرها أطباء سوريون)، “نحن مستعدون لتأمين جثث لمشارح الجامعات بشرط موافقة القضاء”، دون أن يبين مصادر تأمينها.
وقال طبيب شرعي في دمشق، طلب عدم نشر اسمه، إنَّ النظام القانوني في سوريا مأخوذ من النظام الفرنسي، وهناك معايير دولية ومحلية تضبط استخدام الجثث في عمليات التشريح في كليات الطب في كل دول العالم.
ومن تلك المعايير موافقة القضاء وذوي الجثة على استخدامها لأغراض تعليمية.
ونادراً ما يوافق ذوو المتوفى في سوريا على استخدام جثته لأغراض علمية، بحسب الطبيب الشرعي.