مخاوف سكان قرية شمال الحسكة من استمرار القصف التركي

تل تمر – نورث برس

تنظر الستينية أمينة العرنة بحسرة إلى منزل ابنها المتضرر وسط قرية الدردارة بريف بلدة تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، الذي نزح مؤخراً باتجاه مخيمات النازحين في الحسكة، بعدما سقطت قذيفة على بعد أمتار قليلة من منزله.

ولحسن حظ العائلة، لم يُصب أحد من أفرادها في القصف، لكن جدار منزلهم الخارجي امتلأ  بثقوب، جراء تطاير شظايا القذيفة في الأرجاء.

وتحبس “العرنة” دموعها وهي تجول بالقرب من المنزل الذي بقيت فيه وحيدة مع زوجها المسن، بعد نزوح ولدها وعائلته مع معظم سكان القرية باتجاه مناطق أخرى، هرباً من القصف المتكرر بين الحين والآخر.

وعلى غرار عشرات القرى شمال الحسكة وصولاً إلى بلدة عين عيسى بريف الرقة، تحولت قرية الدردارة لخط تماس مع وصول القوات التركية برفقة فصائل المعارضة المسلحة التابعة لها، إلى مشارفها منذ نحو عامين.

وتتمركز القوات التركية رفقة فصائل موالية لها في نقاط عسكرية في الأراضي السورية التي تسيطر عليها بريفي الحسكة والرقة منذ هجماتها أواخر عام 2019 على منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.

ويخشى السكان المتبقون ضمن القرية من استمرار استهداف القوات التركية للقرية التي كانت ممتلئة بالسكان، رغم وجود اتفاقية وقف إطلاق النار وقعت عليها أنقرة مع موسكو عقب هجومها على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض أواخر عام 2019.

قصف متكرر

والخميس الماضي، فقد عنصران من القوات الحكومية حياتهما متأثرين بجراحهما، كما أصيبت مسنة نتيجة قصف تركي طال قرية أم الكيف شمال تل ريف بلدة تل تمر، الأربعاء الماضي.

وفي ذلك اليوم، تعرضت أم الكيف إلى جانب ثلاث قرى أخرى بريف تل تمر وقريتين بريف بلدة أبو رأسين لقصف مدفعي تركي، أدى لنزوح عائلات وألحق أضراراً في ممتلكاتها.

كما طال القصف التركي نقطة أخرى للقوات الحكومية الواقعة في قرية العبوش شمال تل تمر، أسفر عن أضرار مادية فقط.

وفي ذات اليوم، فقد أربعة أشخاص حياتهم وأصيبت طفلة ووالدتها بشظايا، في قصف للقوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها على منزل العائلة بريف بلدة عين عيسى.

وقبله بيوم، أصيبت امرأة وطفلها بجروح بعد أن طالهم قصف تركي أثناء نزوحهم من قريتهم عين العبد شرق بلدة تل تمر.

وتحتأشعة الشمس الحارقة، تتحدث “العرنة” لنورث برس، عن القصف الذي طال قريتها صباحاً: “كنا جالسين في منازلنا لنتفاجأ بسقوط قذيفة بالقرب من منزلنا، لتتبعها قذائف أخرى، ومع تهدئة حدة القصف في ساعات الظهيرة اللاهبة هربنا باتجاه العراء”.

وتقول بتحسر: “لقد أتلف القصف المتكرر أعصابنا، فمنذ نحو عشرة أيام وتنهال علينا القذائف ونحن نعيش في خوف ورعب”.

نزوح معظم السكان

وتضيف “العرنة” بأن القرية لم يتبقَّ فيها سوى عدد قليل من السكان، معظمهم من المسنين، بينما نزح البقية تاركين منازلهم تحت مرمى القذائف التركية.

وبحسب مصادر في المجلس العسكري السرياني (وهي قوة عسكرية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية) المنتشر على خط التماس بريف تل تمر، فإن “القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها استهدفت قرية الدردارة أكثر من 10 مرات خلال آخر أسبوعين فقط، وتسبب القصف بأضرار كبيرة بممتلكات السكان”.

ووسط هدوء حذر يخيم على  القرية يتردد أشخاص إلى البقالية الوحيدة المتبقية ضمن القرية.  

وأمام بقاليته، يشير الشاب خضر الناصر (28 عاماً)، إلى أن “وضع القرية سيء جداً”.

ويضيف الشاب الذي أبى الخروج من قريته، أن حركة البيع أصبحت ضعيفة خلال الأيام الماضية، بسبب نزوح معظم   السكان من القرية.

ويقول: “كل يوم أو يومين تسقط القذائف على القرية مما يضطر السكان للهروب بعيداً إلى أن تهدأ الأمور”.

وتبعد قرية الدردارة مسافة ثلاث كيلو مترات عن القاعدة الروسية الموجودة في محطة المباقر شمال البلدة، لكن السكان يقولون إنها لا تحرك ساكناً تجاه الاعتداءات التركية عليهم.

ويطالب “الناصر” وسكان آخرون، القوى المعنية المتواجدة في المنطقة بـ”وقف استهداف القرية، ووضع حدّ لانتهاكات تركيا والفصائل الموالية لها والتي تطال القرية بين الحين والآخر ليتمكنوا من العودة إلى حياتهم الطبيعية”.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: حسن عبد الله