عامان مروعان.. قصة امرأة وطفلها تعرضا لتعذيب “وحشي” من الزوج في دير الزور

دير الزور – نورث برس

بعد عدة محاولات هروب فاشلة من تعذيب “وحشي” استمرت لعامين مروعين على التوالي، تمكنت سارة الفاضل (23عاماً) وهي من سكان بلدة الباغوز 130 كم شرقي دير الزور، شمالي سوريا، من الهروب مع طفلها من منزل زوجها عبد الله الشهاب (37عاماً) أثناء نومه وتقديم شكوى ضده إلى قوى الأمن الداخلي (الأسايش) في بلدة هجين. 

والأحد الماضي، ألقت “الأسايش” في هجين شرقي دير الزور، القبض على “الشهاب” في أحد أحياء البلدة، إذ توارى الأخير عن الأنظار بعد هروب الزوجة وطفلها من المنزل.

ولمدة عامين مارس الزوج، ضد زوجته وطفلها “أبشع” أنواع التعذيب الجسدي والنفسي مستخدماً أدوات حديدية، ليصل ذلك بالطفل إلى سرير أحد المشافي في المنطقة، وفقاً لما ترويه الزوجة لنورث برس.

الطفل يوسف البالغ من العمر أربع سنوات، تضررت أعضائه التناسلية وأصيب بشلل مؤقت في قدمه اليسرى، إضافة لتضرر ركبتيه جراء الضرب عليها بالمطرقة الحديدية، بحسب أحمد الحميد، طبيب أطفال في مشفى “الحمزة” في هجين، وهو المشفى الذي يتلقى فيه الطفل العلاج.

وتوضح آثار الضرب البادية على جسد الطفل، كمية التعذيب الذي تلقاه من زوج الأم، “باستخدامه طرق بشعة وآلات حادة في التعذيب”، بحسب الطبيب.

ويحتاج الطفل لرعاية صحية طويلة وربما تستمر لسنوات للتعافي، كما أن حالته النفسية “حرجة جداً” ويحتاج لرعاية خاصة تنجيه من عُقدٍ نفسية في المستقبل.

وبحسب مصدر من “الأسايش” في هجين فإن “الشهاب” وبعد التحقيقات الأولية معه، اعترف بقيامه بضرب زوجته وطفلها.

القصة

وقبل عامين، تزوجت “الفاضل” من “الشهاب” الذي يتحدر من مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، وذلك بعد مرور ثلاثة أعوام على وفاة زوجها الأول.

وقبل طلبها للزواج، تكفل “الشهاب” بإعالتها وحمايتها هي وطفلها الذي كان يبلغ السنتين آنذاك ورعايته “كابنه من صلبه.”

وتقول: “لكن سرعان ما علمتُ فيما بعد أنه يتعاطى المخدرات والحبوب وأنه عصبي طوال الوقت، يبدأ بالصراخ والشتم والضرب بشكل فجائي.”

وبعد عام من زواجهما، بدأ الزوج بضرب زوجته وتعذيب طفلها ويطالبها بعدم الاهتمام بالطفل، لأنه يذكره بزوجها المتوفي.

وحاولت الزوجة “المعنفة” ولمرات عديدة الهروب من المنزل، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل وأفضت لمزيد من التعذيب من الزوج.

وأضافت: “كان يقوم بتكبيل قدمي بالسلاسل ويضرب طفلي أمام عيني”، وكان يقوم بشد أعضاء الطفل التناسلية بخيط ويقطع أظافره ويضربه بمطرقة حديدية، بالإضافة لحرق جسده وشد شعره إلى حد النتف وحشو فمه بقماش لعدم سماع صراخه.”

والاثنين الماضي، أصدر مجلس الشعب في مدينة هجين وريفها التابع للمنطقة الشرقية بريف دير الزور، بياناً أدان فيه العمل “الإجرامي” الذي قام به “الشهاب”، بحق عائلته.

وطالب المجلس “باتخاذ أقصى العقوبات بحق عبدالله الشهاب جراء فعتله الذي تخطت استيعاب العقل البشري.”

وما منع “الفاضل” من تقديم شكوى ضد زوجها، هو حبسها في المنزل عند خروجه، في ظل مقاطعة أقرباءها لزيارتها، بسبب عدم رضاهم عن زواجها ورفضهم صهراً لهم، “لسوء سمعته.”

وبُعيد زواجها بفترة ليست بطويلة، سافر أفراد عائلة “الفاضل” إلى لبنان وتركيا ومناطق أخرى ولم يبق من ذويها سوى أعمامها وأقرباء آخرون قاطعوا وصالها في البلدة.

عضو لدى “داعش”

ولا تستطيع الزوجة إلى الآن وبعد نجاتها منه، استيعاب قساوة زوجها لهذه الدرجة، “لن أستطيع تخيل كيف كان يطاوعه قلبه تعذيب طفل لا يستطيع الصراخ من قماش يحشوه في فمه.”

وأضافت: “كان أنين طفلي وعيناه اللتان لم تجفا يوماً من الدمع تحدثني عن إجرام زوجي، إذ كان كل مرة يفقد وعيه من شدة الضرب.”

وحاول أحمد النجم (25عاماً) وهو جار لـ”الشهاب”، وبعد سماعه لعدة مرات صراخ الأم وطفلها محاولة إنقاذهما وتهريبهما أو أن أخبر “الأسايش”، “لكن تهديداته لي حال دون أن أخبر أحد.”

وكان “الشهاب” عنصراً في تنظيم دولة الإسلامية (داعش)، “وله شرور كثيرة”، بحسب “النجم”، الذي ذكر أن جاره قدم إلى الباغوز هرباً من ثأر يقع على عاتقه هو وأخوته عندما قتلوا شخصين في البوكمال قبل أعوام.

وتعزو الزوجة أسباب معاملة زوجها إلى رفضها طلباته “غير الأخلاقية” أثناء جلساته هو وأصحابه متعاطي الحشيش في المنزل.

وذكرت أن  زوجها أراد أن يستغلها في إشراكها مع سهراته الليلية مع أصحابه من رقص وإغراء.

كلام الزوجة، أكده زيد زيد (25عاماً) وهو اسم مستعار لشاب من الباغوز، إذ قال إنه زار منزل “الشهاب” إحدى المرات وطلب الأخير منه أن يتعاطى معه الحشيش.

“وضع مسدسه في رأسي مازحاً وطلب مني أن أتعاطى معه الحشيش ففزعت هرباً.”

وأشار الشاب إلى أن الزوج كان يقوم باستقبال الشباب المراهقين في منزله ويقدم لهم المخدرات والحشيش “ويسرق النقود منهم بعد أن يكونوا قد فقدوا تركيزهم من تعاطي المخدرات.”

وكان “الشهاب” يعمل قبل ما يقارب السنة قصاباً في محل لحوم، “إلا أنه بات يعمل في شراء النحاس في النهار مراقباً منازل الحي ليقوم بسرقتها ليلاً”، وفق قول “زيد”.

إعداد: محمد علي – تحرير: عمر علوش