حماة- نورث برس
تتلقى سوزان الملقي ( 40عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة من سكان حي الصواعق بمدينة حماة، وسط سوريا، لدى طبيب جلدية مختص، العلاج من مرض اللشمانيا الذي ظهر على شكل قرحة جلدية على يديها، وذلك بعد رحلة علاج استمرت أربعة أشهر في مستوصف حكومي لم تستفد منها.
وتقول “الملقي” إن الطبيب أخبرها أن الحقن التي تلقتها سابقاً سببت التهاباً في مكان الحبة وأنها كانت ملوثة، وهو ما ولد مخاوف لديها من أن تترك الحبة أثرها على الجلد.
ويشتكي سكان في حماة من عدم استفادتهم من العلاجات في المراكز الطبية الحكومية، إذ فضل البعض وبعد تفاقم حالتهم اللجوء لعيادات أطباء جلدية ومراكز طبية خاصة لتلقي العلاج.
ويقول هؤلاء إن معظم الأطباء في المراكز الحكومية “متدربون” وليس لديهم الخبرة في كيفية تقديم العلاج بشقيه الموضعي والعضلي، بينما يحذر آخرون من التعرض للاستغلال وتكبيد تكاليف باهظة للعلاج الخاص.
وداء اللشمانيا أو ما يعرف محلياً باسم “حبة السنة” أو “حبة حلب”، هو مرض طفيلي ينتقل عن طريق لدغات حشرة صغيرة صفراء اللون تعرف بذبابة الرمل، تتغذى خلال لدغ الإنسان والحيوانات وتنمو يرقاتها على النباتات المبتلة وجثث الحيوانات، فتترك لدغتها ندوباً حمراء قبل أن تتحول إلى تقيحات تتسع على الجلد سريعاً.
وتضم حماة وريفها 56 مركزاً طبياً لعلاج اللشمانيا، وفقاً لما أفاد به رئيس مركز البرداء واللشمانيا بحماة باسل إبراهيم لصحيفة “الفداء” المحلية الرسمية الشهر الماضي.
وبلغت إصابات اللشمانيا في مدينة حماة وريفها لعامي 2020و2021، ثمانية آلاف إصابة، بحسب “إبراهيم”.
وذكر رئيس مركز البرداء واللشمانيا بحماة أن نسبة الإصابات بالمرض انخفضت بنسبة ٣٤ ٪ مقارنة بين عامي 2019 و،2020 بينما تساهم الظروف البيئية السيئة وقلة الخدمات في ازدياد الإصابات.
حالات تشوه
ويومياً يراجع العديد من المرضى المصابين باللشمانيا ومعظمهم من الأطفال، عيادة ريما البيروتي وهو اسم مستعار لطبيبة جلدية من حماة.
تقول الطبية إن غالبية الإصابات تتركز في الوجه والأطراف “وهناك حالات تشوه بسبب عدم تلقي العلاج في الوقت المناسب.”
وهناك نوعان من المرض وهي اللشمانيا الجلدية وهو النوع الأكثر انتشاراً في حماة وهو غير خطيرة ولا تلحق أذى بالجسم ، حيث “يتم معالجته بحقن موضعي أو عضلي لمركبات الانتموان الخماسية أو الآزوت السائل مكان الحبة مرة أو مرتين كل أسبوع لحين تحسنها”، بحسب الطبيية.
أما اللشمانيا الحشوية فهي تلحق أذى بالأعضاء الباطنية في الجسم كالكبد أو الطحال أو الغدد اللمفاوية، “وقد تسبب موت المصاب إن لم تعالج ونسبة إصاباتها قليلة في المدينة”، بحسب قول “البيروتي”.
ويقول سكان في حماة إن انتشار القمامة في الأحياء وتأخر ترحيلها من قبل عمال البلدية وتلوث نهر العاصي وعدم رش
المبيدات الحشرية عوامل تساهم في انتشار المرض.
وبالقرب من منازل وتجمعات سكنية في حماة، تتجمع أكوام من القمامة حول الحاويات وعلى أرصفة الشوارع، بالإضافة إلى انبعاث روائح كريهة منها وتجمع الذباب والحشرات عليها.
“لا اهتمام”
وبحسب سكان فإن أداء البلديات لم يكن بأحسن حالاته حتى في زمن السلم، ولكنه لا يقارن بالوضع الخدمي السيء الذي وصلت إليه الأمور أثناء الحرب.
ويتركز مرض اللشمانيا بكثرة في المناطق المحيطة بنهر العاصي وسط المدينة كحي البارودية وبستان السعادة وباب النهر، حيث مياه الصرف الصحي الراكدة وغياب تنظيف مجرى النهر المليء بالأوساخ.
هذا بالإضافة لتفشي المرض في أطراف للمدينة وريفها، حيث انتشار حظائر الحيوانات جانب المنازل وبين الأحياء السكنية.
والشهر الماضي، قال رئيس منطقة سلمية الصحية رامي رزوق لصحيفة “البعث” الموالية للحكومة إن الإصابات بداء اللشمانيا في الآونة الأخيرة تراوحت بين 60 و70 شهرياً في مدينة سلمية وريفها.
وأضاف أن المرض “شائع ومستوطن في بعض أرياف السلمية وخاصة بعد سنوات الأزمة وتردي الوضع البيئي.”
ومنذ عدة أشهر، أصيب اثنان من أطفال سامح الشامي (37عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان حي الطوافرة المطل على نهر العاصي.
يقول الأب: “في أحيان كثيرة لا يتوفر الآزوت في المراكز الطبية الحكومية، ونضطر للانتظار لفترات لحين توفره.”
ويشير الرجل الثلاثيني إلى أنه “ليس هناك اهتمام بالمرضى، وكل طبيب يقوم بتشخيص المرض من وجهة نظره، فهناك طبيب يخبرني أن العلاج في مراحله الأخيرة وآخر يقول أن طفلي لا يحتاج حقن.”
ويضيف، “لو أنني أستطيع دفع تكاليف العلاج لكنت قمت بعلاجهم في عيادات خاصة.”