تشكيك في نوايا تركيا واستبعاد شن عملية عسكرية في إدلب

إدلب – نورث برس

 استبعد محلل عسكري وآخر سياسي  شن قوات الحكومة السورية  أي عملية عسكرية في منطقتي جبل الزاوية جنوبي إدلب، شمال غربي سوريا وسهل الغاب غرب حماة، معتبرَين أن “النظام” لا يملك قدرة عسكرية تمكنه من تنفيذ ذلك إلا بدعم روسيا التي يريان أنها لن تقطع علاقتها مع تركيا.

لكن غياب الموقف التركي حول التصعيد العسكري في المنطقة، وخاصة أنها إحدى الدول الضامنة لاتفاق “خفض التصعيد”، يولد  لدى السكان  شكوكاً في نواياها، ومخاوف من تسليم المنطقة للقوات الحكومية، كما جرى سابقاً في شمال حماة و جنوب شرق إدلب.

ومنذ أشهر، تشهد مناطق ريف إدلب الجنوبي تصعيداً وقصفاً متبادلاً بين القوات الحكومية بدعم من روسيا وفصائل المعارضة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع روسيا منذ الخامس من آذار/مارس عام 2020.

ويأتي التصعيد العسكري في إدلب بالتزامن مع حديث عن نية الحكومة بمساندة روسية شن عمل عسكري في جبل الزاوية وسهل الغاب، وسط انتشار عشرات النقاط التركية في المنطقة.

وقبل نحو أسبوعين، عقدت الدول الثلاث الضامنة (تركيا وروسيا وإيران) الجولة الـ 16 لاجتماعات أستانا، والتي أعلن بيانها الختامي تثبيت وقف إطلاق النار، لكن الأمور جرت على العكس من ذلك.

وقال أسعد الزعبي، وهو  محلل عسكري يقيم في العاصمة السعودية الرياض، إن “من غير الممكن حالياً أن تسلم تركيا أي جزء من ريفي إدلب أو حلب للنظام السوري وروسيا، على اعتبار أن العمق الاستراتيجي للأمن القومي لها أصبح في حدوده الدنيا.”

وأشار “الزعبي”، في تصريح خاص لنورث برس، إلى أن “النظام السوري يحتاج إلى قوة فاعلة وتغطية كاملة ودعم لوجستي وإمداد مستمر لشن عملية عسكرية، “وهذا لا يتوفر إلا في الداعم الروسي الذي لا مصلحة له إطلاقاً في تخفيف أو قطع علاقاته مع تركيا.”

مصالح تركيا وصمتها

وخلال الأيام الماضية، شهدت عدة مناطق في إدلب، احتجاجات نددت بالصمت التركي إزاء التصعيد العسكري والذي أدى إلى مقتل وجرح العشرات.

ورفع المحتجون حينها لافتات كتب عليها، “إلى الضامن التركي السيد أردوغان إذا لم تستطع حماية أطفالنا دعنا نموت بهدوء من أجل أن يكتب التاريخ أن الجيش التركي يقتل أطفالنا.”

وفي وقت سابق ، قال علي الأمين السويد، وهو كاتب ومعارض سوري، لنورث برس، إن تركيا “قبلت لعب دور المخدر العام للحراك الثوري في سوريا مقابل مكاسب توسعية على حساب الأراضي السورية.”

وأضاف “السويد” أن : “تركيا لم تكن لتتحرك، ولا لتعترض على ما يجري في سوريا حتى نصف فعلها بالصمت (..). تركيا شريكة في سفك دماء السوريين وكل ما تفعله أو لا تفعله إنما هو سعي لتحقيق لمصالحها العليا.”

وأمس السبت، قصفت القوات الحكومية بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ تحصينات فصائل معارضة على محاور قرى وبلدات البارة ودير سنبل ومعارة النعسان الواقعة بريفي إدلب الجنوبي والشمالي.

وقالت غرفة عمليات الفتح المبين، التي تضم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وجيش العزة إلى جانب الجبهة الوطنية للتحرير، إنها استهدفت بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة تجمعات عسكرية لقوات الحكومة على محاور مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي.

وفي وقت سابق، طالب فصيل “قوات تموز” المعارض في إدلب، عبر بيان، تركيا بالتوقف عن تسليم الأراضي السورية.

وقال الفصيل في بيانه: “ما يهم تركيا في إدلب هو التفاوض لضمان مصالحها الجيوستراتيجية والأمنية في مواجهة الكرد وستكون راضية بشريط حدودي بعمق 10 كم.”

رسائل تكلف أرواحاً

ومن جانبه، استبعد نصر اليوسف، وهو محلل سياسي يعيش في العاصمة الروسية موسكو، أن تقدم القوات التركية على تسليم منطقة جبل الزاوية، “لأن من شأن ذلك أن يفقدها مصداقيتها أمام الفصائل التي تعمل بالتنسيق معها.”

واعتبر أن المناوشات الحالية، “مجرد رسائل يرسلها كل من الأطراف المنخرطة في الصراع ليعبر لهذا الطرف أو ذاك عن موقفه من تصرف معين.”

وقال إن التقارب بين موسكو وقوات سوريا الديمقراطية يغضب تركيا، فتقدم الأخير على توجيه رسالة من خلال التصعيد على شمال شرقي سوريا، كما أن التقارب بين تركيا والإدارة الأمريكية الجديدة يغضب روسيا فتقدم هي الأخرى على توجيه رسالة بالطريقة نفسها وهي التصعيد في إدلب.

والجمعة الماضي، استهدفت طائرات روسية بالصواريخ الفراغية شديدة الانفجار، وعبر ثمانية غارات جوية، مواقع الفصائل على محاور قرى وبلدات مشون والفطيرة ومرعيان وكنصفرة الواقعة في منطقة جبل الزاوية، بحسب مصادر عسكرية في المعارضة.

وسبق أن قال العقيد “مصطفى بكور” وهو الناطق الرسمي باسم جيش العزة التابع لفصائل المعارضة السورية، لنورث برس، إن الأوضاع في إدلب ستبقى على وضعها الحالي ولن يتغير شيء على الأرض.

 وأن ما يحدث من تصعيد ومحاولة من روسيا للضغط على المعارضة السورية لفتح الطرق الدولية والمعابر مع “النظام السوري”، وهو ما رفضته المعارضة في وقت سابق من العام الجاري.

إعداد: براء الشامي – تحرير: سوزدار محمد