إقبال على شراء قوالب الثلج في الحسكة وسط الحر وانعدام الكهرباء النظامية

الحسكة – نورث برس

بعد انتظار دام لساعات تحت أشعة الشمس أمام أحد معامل لتصنيع قوالب الثلج، تمكن سالم العابد (34 عاماً) وهو من سكان حي النشوة الغربية بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا من شراء نصف قالب، ليعيد الكرة في اليوم التالي.

وتدفع درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها الحسكة بالتزامن مع ازدياد ساعات تقنين الكهرباء النظامية والأعطال الكثيرة التي تصيب مولدات الاشتراك (كهرباء الأمبيرات) وقلة ساعات توصيل التيار في الأيام العادية، المئات من سكان المدينة وريفها للوقوف في طوابير أمام معامل صناعة قوالب الثلج.

ومنذ شهر شباط/ فبراير الماضي، تواصل تركيا إنقاص تدفق مياه نهر الفرات تجاه الأراضي السورية لنحو 200 متر مكعب في الثانية وهو أدى لزيادة تقنين ساعات  الكهرباء النظامية، حيث تصل ساعة أو ساعتين كل يوم.

وفي ظل استمرار تركيا بحبس مياه نهر الفرات وزيادة ساعات تقنين الكهرباء، تقضي عائلات أيامها تحت وطأة حر الصيف وارتفاع درجات الحرارة.

ويضطر “العابد” والذي يعمل سائقاً على دراجة نارية أجرة، لقطع مسافات طويلة للوصول إلى معمل لشراء الثلج، إذ أن الباعة المتجولين يبيعون القالب الواحد بنحو خمسة آلاف ليرة، في حين أنه يشتري من المعمل بألفي ليرة سورية.

ويشتكي من طول انتظاره والذي يستمر أحياناً لساعات حتى يصله الدور وصعوبة في تأمين ثمن الثلج من عمله اليومي، “أجني من عملي 10 آلاف ليرة، يومياً أشتري نصف قالب لعدم قدرتي على شراء قالب كامل.”

وأشار إلى أنه يضطر أحياناً للبحث ساعات عن معمل لا يشهد ازدحاماً، حتى يتمكن من التفرغ لعمله بعد ذلك.

معاناة متفاقمة

وتتوزع في مدينة الحسكة وعلى أطرافها نحو سبعة معامل لتصنيع مكعبات وقوالب الثلج وهي خاصة وقد ازاد الطلب عليها مؤخراً جراء الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.

وإلى جانب المعامل ، هناك عشرات الشاحنات الصغيرة التي تبيع قوالب الثلج للسكان بأسعار تصل في بعض الأحيان لنحو خمسة آلاف ليرة سورية، وبأحجام قوالب صغيرة تتعرض الكثير منها للذوبان نتيجة ارتفاع دجات الحرارة.

ويبدو أن حال حميد المحمد (59 عاماً) وسكان قريته خربة الجوز 15 كم شمال شرق الحسكة أكثر سوءاً من سابقه، إذ يضطر يومياً للقدوم إلى المدينة لشراء الثلج في ظل عدم وجود كهرباء الأمبيرات في القرية، وعدم توفر الكهرباء النظامية سواء ساعة في اليوم.

وقال لنورث برس: “لدينا حالة وفاة ومنذ الصباح قمت بتسجيل طلب للحصول على 10 قوالب ثلج، وما زلت بانتظار الحصول عليها”، وكنت الساعة تشير حينها إلى الثانية عشر ظهراً.

وأشار إلى معاناتهم خلال فترة الصيف تتفاقم أكثر، “نشرب في معظم الأحيان مياه حارة، فلا مياه باردة ولا كهرباء.”

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة فإن أكثر من خمسة ملايين شخص في شمال شرقي سوريا، يعتمدون على نهر الفرات للحصول على مياه الشرب، ونحو ثلاثة ملايين شخص في الكهرباء.

وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة من فقدان 50 ألف عائلة مصدر رزقها بسبب انخفاض منسوب نهر الفرات.

“غير متوفر دائماً”

ويجد سليمان العباوي (54 عاماً) وهو نازح من دير الزور ويسكن في حي حوش الباعر جنوب الحسكة صعوبة في شراء الثلج من المعامل، إذ أن “قوالب الثلج ليست متوفرة دائماً، ونضطر المرور لكافة المعامل في بعض الأحيان.”

وأشار إلى أن ذلك يكلفهم أعباء مادية إضافية، إذا يشتري في أكثر الأحيان وبسبب عدم توفرها في المعامل أو الازدحام الشديد، لشرائها من الباعة “بأسعار مرتفعة.”

وتتراوح مدة تحول المياه إلى ثلج في المعامل من 12  إلى 14 ساعة لكل وجبة واحدة، تتجاوز أعداد القوالب المنتجة فيها 300 قالب.

وقال سعيد عادل، وهو محاسب معمل ثلج الماسة في منطقة تل حجر بالحسكة إن المعمل يشهد إقبالاً كبيراً على شراء قوالب الثلج، إذ أنهم يقومون يومياً بشراء المياه من أصحاب الصهاريج، ويلزمهم نحو 40 برميل من المياه كل يوم.

ويقوم المعمل الآنف الذكر بتوزيع كامل الكمية على السكان خلال فترات النهار والمساء، أما في الليل فيتم تخزين الفائض في الحافظة ليتم توزيعه لاحقاً، بحسب “عادل”.

وأشار “عادل” إلى الأعطال تلحق بالمولدات الكهربائية الخاصة بالمعمل  نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وهو ما يؤدي أحياناً لعدم توفر قوالب الثلج.

إعداد: جيندار عبدالقادر- تحرير: سوزدار محمد