“الحرس الثوري” يجبر المجندين السوريين على التعهد بالقتال خارج البلاد ويستقصي عن “طوائفهم”

دمشق – نورث برس

تفاجأ “وائل”، وهو اسم مستعار لمجند احتياط في القوات السورية، تم فرزه قبل خمس سنوات للقتال ضمن صفوف الحرس الثوري الإيراني في تدمر، بطلب القائد الإيراني للنقطة التي يخدم فيها ملء استمارات تتضمن موافقته على القتال خارج سوريا إذا لزم الأمر.

يقول “وائل” خريج جامعة تشرين، والأب لثلاثة أطفال، إن قائد الوحدة أمر بعقد اجتماع لكافة العسكريين السوريين العاملين تحت إمرته، طالباً منهم ملء الاستمارة والإجابة عن كل الأسئلة بدقة.

وكان من بين الأسئلة أن يقدم المجندون السوريون تعهداً خلال الخدمة وبعد التسريح، بأن يلبوا الأوامر للقتال في سوريا أو خارجها إن طُلب منهم ذلك.

توقيع بالإجبار

ويضيف: “لم نكن مخيّرين في رفض التوقيع، تم إجباري مع عشرات المجندين السوريين للتوقيع على تعهد يفيد بجاهزيتنا واستعدادنا للقتال إلى جانب الحرس الثوري الإيراني داخل وخارج سوريا، تحت طائلة الحرمان من الراتب.”

وفي وقت سابق أفادت تقارير، أن عشرات السوريين جندتهم إيران في لواء “فاطميون” وأرسلتهم للقتال إلى جانب الحوثيين في اليمن، إلا أن إيران نفت الأمر حينها.

وكشفت التقارير التي نشرها موقع “عربي بوست” ،عن ارتفاع وتيرة تجنيد السوريين في اليمن إما قسراً أو إغراءً من قبل الحرس الثوري الإيراني للقتال إلى جانب الحوثيين.

وبحسب مصادر تحدثت إليها نورث برس، فإن المناطق الخاضعة لسيطرة “الميليشيات” الإيرانية في محافظة حمص، مثل مدن تدمر والسخنة والمخرم تشهد إقبالاً كبيراً من الشبان السوريين الراغبين في التطوع في صفوف لواء “فاطميون”، مقابل رواتب شهرية تصل إلى 125 دولاراً أميركياً (أقل من 400 ألف ليرة سورية)، شرط العمل مع الحرس الثوري الإيراني داخل البلاد وخارجها.

لكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها إجبار غير المتطوعين (المجندين وصف الضباط المفرزين من الجيش السوري إلى الميليشيات الإيرانية) على التعهد بالقتال داخل البلاد وخارجها.

وبالرغم من نفي السفارة الإيرانية في أنقرة للتقارير حول نقل إيران لقوات من سوريا إلى اليمن، واعتبارها “دليلاً على الجهل بالحقائق الميدانية”، إلا أن هذا التطور الجديد يشير بحسب المصدر، لتوجه إيران إلى تشكيل مجموعات سورية من “المرتزقة” لإرسالهم إلى حروبها.

وقالت السفارة الإيرانية حينها في تغريدة على موقع تويتر رداً على التقارير التي تتهمها بتجنيد “مرتزقة” سوريين إلى اليمن إن “هذا الادعاء الكاذب يتناقض مع نهج الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب الكارثية واللاإنسانية ضد الشعب اليمني.”

سؤال عن الطائفة

يقول “وائل” إن الوثائق التي وقعوها تتضمن أسئلة هدفها الحصول على معلومات تفصيلية عن المجند وعائلته وأقاربه تشبه تلك المعتمدة من قبل فروع المخابرات السورية، والتي اعتاد السوريون على ملئها حين الحصول على وظيفة حكومية، أو في أي مراجعة أمنية.

لكن الجديد فيها، حسب العسكري الاحتياطي، هو أنها تطلب من المجند ذكر ديانته والطائفة التي ينتمي إليها، وهو ما “لم نعتد عليه من قبل، وقد أثار غضب المجندين الذين لم يضطروا من قبل للإفصاح عن انتماءاتهم الطائفية بهذا الشكل الجلف.”

ويقول “وائل” إنه وبعد إجبارهم على التوقيع على ورقة التعهد وملء الاستمارات، تواصل وبعض رفاقه مع قادة قطعاتهم العسكرية السوريين (قبل فرزهم للقتال في صفوف الميليشيات الإيرانية)، واستنكروا بشكل خاص البند المتعلق بتعهدهم القتال خارج البلاد، وخانة السؤال التي تتضمن الإجابة على الطائفة.

قيادة مهمشة

ويضيف: “طلبنا منهم توضيحاً عما يجري، وموقفاً من هذا الإجراء، إلا أن القائد العسكري الذي تحدثوا إليه أجابهم بأنه ليس لقيادة الجيش السوري علاقة بالإجراءات الإيرانية، وأن تبعيتهم هي الآن للقوات الإيرانية منذ اللحظة التي تم فرزهم فيها إلى الحرس الثوري، وأنهم لا يستطيعون التدخل لمنع الإيرانيين من أي إجراء يريدونه، فالإيرانيون يعملون بشكل مستقل عن القيادات العسكرية السورية”، حسب جواب القائد.

ويشدد “وائل” على أنه لا يمكن أن يقبل بالقتال خارج البلاد، وغيره الكثيرون ممن يقاتلون تحت إمرة الحرس الثوري.

ويقول بنبرة غاضبة ومتحدية “فليجبروني إن استطاعوا (…)،  المهم أتسرح وحينها لكل حادث حديث.”

وتواصل إيران تطويع مقاتلين من سوريا ضمن فصائل تابعة لها، متبعة سياسة ترغيبية عبر تقديم العديد من العروض لهم واستغلال الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تمر بها سوريا.

وتدفع إيران للمجندين السوريين في صفوف “ميليشياتها” رواتب تتراوح بين 60 و120 ألف ليرة سورية.

وهذا الراتب يزيد بقليل عن الرواتب التي تدفعها القوات الحكومية لمتطوعيها (ضباط وصف ضباط)، والتي تتراوح بين 90 و100ألف ليرة بعد زيادة الرواتب الأخيرة، فيما تزيد بضعفين أو أكثر إذا ما قورنت برواتب المجندين التي لا تتجاوز اليوم 22 ألف ليرة للمجند في القوات الحكومية “الخدمة الإلزامية”.

وهذا الفرق “يدفع هؤلاء للالتحاق بمليشيات الحرس الثوري، والموافقة على فرزهم للقتال ضمن صفوفه، كما يدفع العديد من الشبان السوريين للتطوع ضمن الميليشيات الإيرانية.”

وقبل عامين، وفي تصريح لنورث برس، قال أحمد العناني، الباحث في الشأن الإيراني والعلاقات الدولية، إن إيران لها أجندة توسعية في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

إعداد: رافي طعمة – تحرير: محمد القاضي