محال تبيع بالتقسيط في دمشق وسط انخفاض الإمكانات الشرائية وكساد البضائع
دمشق – نورث برس
دفع سوء الوضع المعيشي علاء ابراهيم (58 عاماً) وهو من سكان حي الشيخ سعد في دمشق، لشراء ما تحتاجه عائلته من محال تبيع بالتقسيط (الدين).
ويقول الرجل الخمسيني أنَّه غير قادر بالاعتماد على دخله المحدود على تغطية نفقات احتياجاته، ما دفعه للاستدانة حتى لشراء طعام ومستلزمات عائلته اليومية.
وتشهد مناطق سيطرة حكومة دمشق أوضاعاً معيشية واقتصادية حرجة نتيجة الارتفاع المستمر للأسعار بما لا يتناسب مع مستويات الدخل المتدنية.
التدهور المعيشي المستمر دفع سكاناً للبحث عن محال تعرض بضائعها للبيع مع إمكانية دفع أثمانها على أقساط، بينما وجد بائعون في الأمر عاملاً مساعداً على تصريف بضائع ضعفت حركة شرائها مؤخراً للأسباب نفسها.
ومنتصف شباط/فبراير 2020, أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة, أنّ 12.4 مليون شخص في سوريا يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام، واصفة زيادة العدد بأنها “مقلقة”.
وقال البرنامج إن الرقم يعني إن “60 بالمئة من السكان السوريين يعانون الآن انعدام الأمن الغذائي”، بناءً على نتائج تقييم وطني أواخر العام 2020.
مصلحة مشتركة
ويضطر “إبراهيم” لفتح حساب شهري في بقالية بجواره، وإلى شراء ملابس أولاده ومستلزمات أخرى بالتقسيط من محال قريبة من مكان سكنه ليستطيع سد احتياجاتهم، وليتخلص من تكلفة أجور المواصلات.
يقول لنورث برس إنه يقوم بداية كل شهر بتسديد جزء من ديونه لصاحب البقالية، ولمحلات أخرى اشترى منها احتياجات لعائلته.
وتنتشر، اليوم، في غالبية مناطق السيطرة الحكومية بقاليات ومحال بمحتويات مختلفة، تقوم بالبيع بالتقسيط، مقابل تصريف بضائعها الراكدة بفعل انخفاض القدرة الشرائية للسكان.
وقال فهد جاسم، وهو صاحب بقالية في منطقة الشيخ سعد، إن تلك الطريقة تنتشر الآن في بعض الحارات ضمن المدن بسبب الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد.
وأضاف أن ظروف الحياة والغلاء جعلت غالبية الزبائن يتجهون للشراء من بقاليته كونه يبيع بالتقسيط.
ويملك البقال دفتر حسابات شهري، يسجل فيه مشتريات زبائنه اليومية، ويشطب مطلع الشهر المبلغ المسدد.
أخلاق عالية
ويعزو خبير اقتصادي مقيم في دمشق، الظاهرة، لسوء إدارة الوضع الاقتصادي من قبل حكومة دمشق، “التي تتخذ إجراءات وسياسات اقتصادية ليست لصالح السكان.”
وقال الاقتصادي، الذي اشترط عدم نشر اسمه، لنورث برس، إن تلك الطريقة في التعامل بين البائع والمشتري تدل على “أخلاق عالية، إذ نادراً ما تجد اليوم تاجراً أو حتى صاحب سوبر ماركت أو بقالية يبيع بالدين.”
وأضاف أن “هذه الطريقة قد تعرض البائع في بعض الأحيان للخسارة أو عدم الربح على أقل تقدير، وذلك بسبب تذبذب الأسعار المستمر نتيجة عدم ثبات قيمة العملة السورية.”
ويتذكر سكان أن هذا الأسلوب في البيع كان سائداً قديماً وخصوصاً في الأرياف التي كان سكانها يعتمدون على مواسم ومداخيل موسمية للزراعة وتربية المواشي.
ولجأت سحر عبدالله، وهي موظفة في القطاع الخاص وأم لثلاثة أطفال، لشراء ملابسهم بالتقسيط من محال في جديدة عرطوز بعد أن كانت تشتريها من محلات دمشق.
تقول السيدة إنها بالرغم من دخلها “الجيد بالنسبة لموظفي الحكومة”، لم تعد تستطيع شراء حاجيات أطفالها من دمشق كما كانت تفعل سابقاً، فلجأت إلى محال التقسيط في ريفها.