البطاريات السائلة في إدلب فائدة ترافقها أضرار خطيرة
إدلب – نورث برس
يخضع محمد العربو (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية، شمال إدلب، شمال غربي سوريا، للعلاج بعد إصابته بحروق شديدة أدت لتدهور حالته الصحية، نتيجة انفجار البطارية السائلة التي تغذي خيمته بالطاقة الكهربائية.
يقول إنه ما لبث أن وضع الأقطاب حتى اندلعت شرارات نار وأدى انفجار البطارية لتطاير مادة الأسيد الحارقة على جسده ووجهه، ليفقد على إثرها الوعي ويجد نفسه في أحد مشافي إدلب.
وتتكرر حوادث انفجار البطاريات السائلة في منازل سكان ومخيمات نازحين بإدلب، أدت إلى إصابة أشخاص وفقدان آخرين لحياتهم.
ويعتمد سكان في إدلب على ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات السائلة لتأمين الطاقة الكهربائية، في ظل غلاء الاشتراك بالتيار الكهربائي الذي استقدمته مؤسسة الكهرباء التابعة لحكومة الإنقاذ (الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام) من الأراضي التركية.
وبداية أيار/ مايو الماضي، تم تغذية كبريات مدن إدلب بالكهرباء التي وزعتها الشركة بعد إبرامها اتفاقاً مع شركة “Green Energy” التركية.
ويحتاج تمديد التيار الكهربائي الذي تم استقدامه من تركيا إلى 500 ليرة تركية ثمناً للعداد الكهربائي وتكلفة التوصيل للمنزل، إضافة إلى دفع أجور كمية الاستهلاك شهرياً.
فيما يعتمد جميع النازحين في المخيمات بشكل رئيس على ألواح الطاقة وبعض مولدات الأمبيرات، في ظل افتقارها لشبكة التيار الكهربائي.
أخطاء في الاستعمال
وأرجع رامز الأصفر (45 عاماً)، وهو صاحب مصنع لإنتاج البطاريات في إدلب، الانفجار إلى أسباب أبرزها الشحن الزائد وعدم وجود دارة شحن.
وقال إن ألواح الطاقة الشمسية تعطي في بعض الأحيان شحناً زائداً للبطارية، وخاصة خلال الصيف، ما يؤدي لانفجارها عند أي احتكاك أو ماس كهربائي في حال لم تكن مزودة بدارة شحن والتي تعمل على تنظيم الكهرباء الداخلة والخارجة من البطارية.
وأشار “الأصفر” إلى أن سوء الاستخدام وعكس الأقطاب الرئيسية من شأنه تعزيز هذه الحوادث، كما أن تعريض البطاريات بكثرة للشمس والحرارة الزائدة سيؤدي للانفجار في أي لحظة، “وهو ما يفسر كثرة هذه الحوادث في المخيمات.”
ويشدد صاحب المصنع على ضرورة التعامل مع البطارية بشكل صحيح وآمن لتدارك حوادث انفجارها بشكل مفاجئ.
وخلال الشهرين الماضيين، سجلت إدلب نحو 11 حادثة انفجار بطاريات سائلة، أدت لوفاة خمسة أشخاص معظمهم من الأطفال، وإصابة تسعة آخرين لا يزال معظمهم يعاني من حروق وتشوهات، بحسب مصطفى الزين وهو اسم مستعار لمسعف في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء).
وأشار “الزين” إلى أن معظم الأشخاص الذين أصيبوا، يعانون من ضعف النظر بسبب الأذى الكبير الذي تحدثه البطاريات المملوءة بمادة الأسيد والرصاص على العينين أثناء انفجارها.
وقال إن معظم هذه الحوادث تكون في المخيمات إذ تنتج عنها حرائق واسعة تمتد بين الخيام المتلاصقة والمصنوعة من مادة النايلون، وهو ما يؤدي في معظم الأحيان لحالات وفاة وإصابات عديدة بين النازحين.
حوادث متكررة
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، فقدرائد السعدو (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة إدلب، اثنين من أطفاله جراء انفجار البطارية السائلة المتواجدة في خيمته، إذ التهمت النيران كامل خيمته أثناء تواجد طفليه داخلها.
يقول “السعدو” إنه لطالما حاول الهروب بأطفاله من الحرب الدائرة والنزوح تجاه مناطق أكثر أمناً خوفاً عليهم من أي مكروه، “ولكني خسرت طفلي دفعة واحدة بسبب انفجار البطارية.”
ويضيف أنه لم يكن يدرك خطورتها الكبيرة إلا بعد فوات الأوان.
وفي الثالث والعشرين من يونيو/ حزيران الماضي، قضت طفلة ووالدها جراء انفجار بطارية بخيمتهم في بلدة حزانو بريف إدلب الشمالي، سبقه مقتل طفل وإصابة آخر بحروق خطرة، جراء انفجار مماثل في مدينة إدلب.
وكانت الشابة فاطمة الموسى (25 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالبة في مدينة إدلب، على مقربة من البطارية الموجودة في منزلها قبل أن تنفجر وتتعرض لتشوهات وحروق عديدة في وجهها وعينيها في الثاني عشر من شباط/ فبراير الماضي.
تقول “الموسى” إنها خضعت للعلاج على مدار خمسة أشهر بسبب الأذى الكبير الذي سببته مادتا الأسيد والرصاص على عينيها، حيث عانت من صعوبة كبيرة في الرؤية حالت دون تقديمها الامتحانات الفصلية.
واضطرت الشابة لإجراء العديد من العمليات التجميلية، غير أن آثار الحروق والتشوهات ما تزال واضحة على وجهها.