مطلقات وأرامل في مناطق شمال حلب يتغلبن على نظرة المجتمع للمرأة العاملة
ريف حلب الشمالي – نورث برس
تذهب بتول السالم (31 عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة مطلقة تسكن في مخيم شمارين شمالي حلب، كل يوم إلى مدينة أعزاز، لتعمل كمستخدمة ضمن منظمة محلية متحدية كل الصعوبات والعقبات ونظرة المجتمع الدونية.
وتقوم “المرأة” بتنظيف الغرف وإعداد المشروبات للموظفين كل صباح: وتقول: “هذا العمل يقيني وأطفالي الثلاثة من مدّ يد الحاجة إلى الناس.”
وتعاني النساء المطلقات والأرامل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية الموالية لتركيا، من ضغوط اجتماعية واقتصادية كبيرة تثقل كاهلهن، في ظل غياب المعيل.
وبعد انفصالها عن زوجها قبل عام، بدأت “بتول” بالبحث عن عمل تكسب منه مالاً تعيل به أطفالها الثلاثة، إلى أن حصلت عليه.
وبحسب إحصائية لمنظمة منسقو استجابة سوريا خلال عام 2020، فإن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الأيتام والأرامل جراء الصراعات الدائرة في مناطق شمال غربي سوريا، والتي تسيطر عليها الفصائل المسلحة الموالية لتركيا.
ووفقاً للإحصائية، فإن عدد الأطفال الأيتام تحت سن 18عاماً بلغ 197.856 طفلاً، في حين بلغ عدد الأرامل اللاتي ليس لديهن معيل46.302 امرأة.
عادات وتقاليد
وتُحرم النساء المطلقات في أغلب الأوقات من كامل حقوقهن في مناطق تحكمها العادات والتقاليد والتشدد الديني.
وحُرمت “بتول” من حقوقها عندما طلقها زوجها، حتى مهرها المؤخر، فعادت إلى أمها في مخيم شمارين مع أطفالها الثلاثة.
ولم تكن المرأة تملك مالاً، كما أن حالة والدتها المادية ليست أفضل من حالتها “فهي تعتمد على سلة الإغاثة التي تحصل عليها شهرياً، مع بعض المال الذي يرسله إخوتي من تركيا.”
وتسرد “بتول” بعض التحديات التي واجهتها عند بدء العمل كمستخدمة، بدءاً بكلام الموظفين أو الموظفات المستفز، والذي يتم تغطيته على أنه مزاح، ونظرة المجتمع للمطلقات، وغيرها.
وقال لها أحد الموظفين بأنها جاءت لتبحث عن زوج، بينما قال آخر بأنه لا ينبغي للمطلقة أن تعمل، بل عليها أن تبقى في منزل أهلها والعناية بأطفالها.
وفي حديث بين الموظفين، اتهموا المطلقات بأنهن ذوات نفسيات صعبة نتيجة طلاقهن، وغير ذلك من الاتهامات. بحسب “بتول”.
وتضطر النساء اللاتي فقدن معيلهن للعمل ضمن ورشات الزراعة والخياطة أو الاندماج في عمل منظمات المجتمع المدني، لكن حتى هذه المهن لا تخلو من صعوبات تواجهها النساء، خاصة الأرامل والمطلقات.
ولم تجد أمينة كنو (36 عاماً)، وهو اسم مستعار لأرملة من سكان مدينة أعزاز شمالي حلب من يعيلها وأطفالها الخمسة بعد تخلي أهل زوجها المتوفى عن رعايتهم.
ووجدت المرأة في طلب جيرانها منها العناية بأطفالهم عند خروجهم إلى العمل، فرصة لتحصل على مردود مادي جيد، يعينها على أعباء الحياة ويكفيها سؤال الآخرين.
وتتقاضى المرأة شهرياً مبلغ 1800 ليرة تركية (ما يقارب 660ألف ليرة سورية) عن رعايتها لـ 6 أطفال تقوم بتجهيزهم وترتيبهم وإطعامهم ريثما يعود ذويهم.
وقد جنبها هذا العمل الكثير من المعاناة التي تلاقيها الأرامل المشابهات لحالتها في حال عملهن خارج منازلهن. بحسب “كينو”.
وتعمل الناشطة المدنية أمل العبدالله في قطاع حماية المرأة في منظمة دولية بريف حلب الشمالي، حيث سبق لها أن تلقت دورات في مجالات الدعم الاجتماعي والنفسي الذي يخص المرأة وخوضها بمجال العمل ومشاركة الرجل في هذا القطاع.
وتقوم الناشطة بإعداد دورات للنساء في نفس المجال، وتقول لنورث برس: “للأسف المجتمع لا يزال ينظر للمرأة على أنه يجب عليها البقاء في المنزل ورعاية زوجها وأطفالها فحسب، والنظر للمرأة العاملة على أنها في غير مكانها، هذا غير توجيه التهم السيئة بحقها.”
وأشارت “العبدالله” إلى أن “الكثير من الرجال يظنون المرأة العاملة سلعة يمكن لهم أن يشترونها ببسمة أو ضحكة أو حتى دعوة لشرب القهوة أثناء العمل أو خارجه في حال كانت عزباء، لأنها بنظرهم سهلة المنال.”
وترى الناشطة أن المرأة المتمكنة والمتعلمة بإمكانها أن تجد فرص عمل في المنظمات والشواغر الموجودة في الشمال السوري وذلك بسبب قلّة وجود الكفاءات العلمية بين فئة الشباب والرجال في مناطق شمال حلب، بحسب الناشطة.