في كتاب “الموجز في تاريخ سورية” للمطران “يوسف دبس”

القامشلي ـ نورث برس

قد يسأل أحدنا هذا السؤال: هل يستحق تاريخ سوريا تأليف موسوعة من ثمانية أجزاء، ثم لصعوبة قراءتها يقوم المؤلف باختصارها في كتاب سمَّاه “الموجز في تاريخ سورية”؟.

والإجابة تكون في كل مرة بـ “نعم يستحق”. فحيث أنت، يكون للتاريخ صوت، وللأرض صدى، فيها تتمازح الحضارات: ماري، إيبلا، وتل حلف، وتل براك، وتدمر، ودورا أوروبوس، وأوغاريت، وأفاميا.

ومدن تنام تحت جنح ليلها، وتستيقظ على نهارها: دمشق – عين الشرق، وحلب -الشهباء، ودير “سمعان العمودي”، وعفرين ، واللاذقية – لاوديكيا، أو “اللات” و”قية”، وطرطوس – انترادوس، وحماه – مدينة أبي الفداء، وإدلب – الخضراء، والسويداء، والقنيطرة، ودرعا، ودير الزور، والرقة، والحسكة، والقامشلي.

تسكنها مِللٌ ونِحلٌ مختلفة، وأعراق متنوعة: سريان، وأرمن، وعرب، وكرد، وشركس. تلك هي الخلاصة.

أما في وصف الكتاب، ففي أوائل القرن العشرين وضع المطران “يوسف الدبس” موسوعته التاريخية الشهيرة، والأُولى من نوعها “تاريخ سورية الدنيوي والديني”، والتي جاءت في ثمانية مجلدات ضخمة، تغطي –  وبالتفصيل – مختلف الحقب التاريخية التي مرت بها سوريا، أو بلاد الشام كما كانت تسمى قديماً.

وبعد سنوات قليلة من تأليف الموسوعة، أراد المؤلِّف أن يختصرها في كتاب موجز أسماه “الموجز في تاريخِ سورية”؛ لسهولة الاقتناء والقراءة، وكان هذا في عام ١٩٠٧م.

وتضمنت الموسوعة ستة فصول، يُعنى في كلٍّ منها بمرحلة من مراحل تاريخ البلاد، بدءاً من النشأة الأولى، حيث كان السكان منقسمين إلى قبائل متفرقة، ومروراً بالإسكندر المقدوني والزمن الهلينستي، فالإمبراطورية الرومانية، والمسيحية، ثم الفترة الإسلامية: الراشدية، والأموية، والعباسية، والفاطمية، والأيوبية، والمملوكية، والشركسية، وأخيراً، العثمانية – أي بدايات القرن العشرين.

هذا الكتاب، وبمجرد الانتهاء منه يمكنه أن يمنحنا رؤية جديدة لماضي سوريا، وحاضرها، ومستقبلها.

يصف ماضياً من الإنجازات في حاضر من الخراب والحطام الهش، وعلى أهل العقد والعزم أن يوجهوا طاقة التفكير إلى جهد جديد يُبذل من أجل حماية الإنسان، وصون الثقافة التي يقدرونها حق قدرها.

لذلك، وأنت تقرأ “الموجز في تاريخ سورية، تذكَّر ذاك الماضي وهذا الحاضر، ثم تذكّر جيداً قول أحدهم في مديح الكتب: “مثل الفأس الذي يكسر البحر المتجمد في داخلنا”.

 إعداد وتحرير: نور حسن