دمشق– نورث برس
لم يعد عمار الهندي (40 عاماً) قادراً على تأمين تكلفة ذهاب ولديه للجامعة، إذ تآكلت قيمة دخله نتيجة الفوضى في أجور المواصلات بعد زيادة الرواتب الأخيرة، والتي سبقها بيوم رفع سعر المحروقات لأكثر من ثلاثة أضعاف.
ويعتقد كثير من الموظفين الحكوميين في العاصمة أنهم كانوا خاسرين في قراري رفع الأسعار ورفع الأجور.
يقول “الهندي” لنورث برس:”كنت بالكاد أؤمن مصاريف المواصلات في ظل ثبات أسعارها، أما اليوم، فلم يعد أبنائي يذهبون للجامعة إلا في حالات نادرة عندما يتعلق الأمر بتسجيل أو امتحانات.”
وفي العاشر من تموز/ يوليو الجاري، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر مادة المازوت إلى 500 ليرة سورية لليتر الواحد، بينما تم تحديد سعر ربطة الخبز المنتج في الأفران العامة بـ 200 ليرة سورية.
وفي اليوم التالي لزيادة الأسعار، أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، المرسوم التشريعي رقم 19 القاضي بزيادة رواتب العاملين في الدولة بنسبة 50 %، و ٤٠% للمتقاعدين، ما فاقم مشكلة ارتفاع الأسعار وانخفاض قدرة السكان الشرائية.
ولا تزال دمشق، كما غيرها من مناطق سيطرة الحكومة السورية تعاني من شح في المواصلات ومن ارتفاع أجورها دون وجود أي رقيب أو حسيب، رغم قيام المكاتب التنفيذية في المحافظات بتحديد تعرفة الخطوط القصيرة بـ 100 ليرة، والطويلة بـ 130 ليرة.
وفي الرابع عشر من الشهر الجاري، قال مدير عام الشركة العامة للنقل الداخلي في “محافظة دمشق” سامر حداد إن محافظة دمشق تحتاج 250 باصاً، ما يعني الحاجة لرفد الشركة بـ150 باصاً بصورة إسعافية لتغطية النقص الحاصل.
ووفقاً لعمار الهندي وسكان آخرين، فإنَّ التعرفة الجديدة لا تطبق، إذ تتقاضى السرافيس أضعاف التعرفة المحددة.
ولا تتناسب الأسعار الجديدة دخل الأب رغم زيادته، “بل على العكس فاقمت من معاناته اليومية، في ظل قلة عدد الباصات والسرافيس التي تعمل اليوم.”
وقال مدير شركة النقل الداخلي لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إن تعميماً صدر لجميع مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في كل المحافظات للتشديد باتخاذ الإجراءات بحق المخالفين للقرار الجديد، وضبط أي مخالفة في التسعير.
ولم تلق التعرفة رضى لدى سائقي وأصحاب وسائل النقل، معتبرين أن الزيادة لا تتناسب مع ارتفاع تكاليف الصيانة وقطع الغيار، ما جعل كثيرين منهم يبيع مخصصاته من وقود المازوت (الديزل) والتوقف عن العمل، أو عدم الالتزام بكامل الخط.
أما سامر خليل (32عاماً)، وهو موظف في شركة الكهرباء ويسكن في مدينة قطنا بريف دمشق، فقرر تخفيض عدد أيام دوامه بما يتناسب مع دخله ومع الارتفاع الحاصل في سعر المحروقات.
وقال لنورث برس: “يومياً أحتاج ما يقارب ثلاثة آلاف ليرة كمواصلات ذهاباً وإياباً لمكان عملي وراتبي لا يتجاوز 70 ألف ليرة بعد الزيادة الأخيرة.”
ويحتاج “خليل” لـ 30 ألف ليرة إضافية في حال دوام كل يوم. لكنه نظام المناوبات يفرض عليه دوام يومين في الأسبوع، فيقضي باقي الأسبوع في عمل آخر يعينه على التكاليف.