ريف حلب – نورث برس
رغم محاولاتها منذ أكثر من أسبوع، لم تتمكن جميلة شيخ خليل، وهي من سكان قرية أحرص بريف حلب الشمالي، شمالي سوريا، إدخال عمتها التي أصيبت بجلطة دماغية وشلل نصفي مؤخراً للمدينة لإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي لها.
وتمنع الحواجز الأمنية التابعة للحكومة السورية بالقرب من مدينة منبج، شمالي سوريا، دخول المحروقات والأدوية إلى ريف حلب الشمالي، كما تمنع خروج سيارات إسعاف تابعة لمشفى أفرين بنقل الحالات الحرجة إلى حلب للتداوي.
وبحسب إدارة مشفى آفرين، فإنه هناك حوالي 150 مريضاً، ينتظرون الدخول إلى مدينة حلب لتلقي الخدمات الطبية التي لا تتوفر في المشفى.
وتضم منطقة ريف حلب الشمالي، حيث يتوزع نازحو منطقة عفرين، سبع نقاط طبية للهلال الأحمر الكردي- عفرين تقدم خدمات إسعافية، إلى جانب مشفى أفرين الوحيد الذي يقدم خدمات طبية مجانية.
وتسببت العملية العسكرية التركية رفقة فصائل معارضة مسلحة في العام 2018، بنزوح أكثر من 300 ألف شخص من منطقة عفرين إلى ريف حلب الشمالي، بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين.
ولجأ قسم من النازحين للسكن في مخيمات العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة في المنطقة.
“نقص حاد بالأدوية”
وفي الرابع من الشهر الجاري، طالب بيان لهيئة الصحة لإقليم عفرين في ريف حلب الشمالي، وهي إحدى المؤسسات المشرفة على مخيمات وبلدات يعيش فيها نازحو منطقة عفرين، القوى الفاعلة على الساحة السورية والمجتمع الدولي بفك الحصار المفروض على المنطقة والسماح بدخول الأدوية والمواد الأساسية.
إذ أدى منع دخول مستلزمات طبية ودوائية إلى المنطقة لحصول نقص أو نفاذ لتلك الأدوية “لدرجة حرجة”، وارتفاع أصناف أخرى، بحسب بيان الهيئة.
وتتخوف “شيخ خليل” من أن يتفاقم الوضع الصحي لعمتها، وسط استمرار منع الحواجز دخول المرضى إلى حلب، “أنترك المرضى يموتون هنا!”
وقال جمال علي، وهو إداري في مشفى أفرين، إن سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري مخصصة لنقل الحالات المستعجلة فقط إلى حلب، “ولا تقوم بواجبها على أكمل وجه.”
وأضاف أن تلك “السيارة تتأخر لساعات ريثما ينتهون من اجراءات الموافقات الأمنية وتقارير مطلوبة للنقل، وهو ما يفاقم الوضع الصحي للمريض.”
وسابقاً كان المشفى يقوم بنقل المرضى الذين يحتاجون لخدمات طبية لا تتوفر لديه، إلى مدينة حلب عبر سيارة تابعة له، “ولم تكن تكفي لنقل جميع الحالات في الوقت المناسب”، بحسب “علي”.
ويواجه المشفى نقصاً حاداً في الأدوية كخافضات حرارة وأدوية الإسهال والتي يزداد الإقبال عليها مع ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى الأدوية الخاصة لإجراء العمليات.
ويومياً، يستقبل المشفى ما بين 800 وألف مريض من السكان والنازحين، بحسب إدارة المشفى.
“كارثة إنسانية”
وفي وقت سابق، قال الدكتور محمد نور شباب، وهو الرئيس المشارك لهيئة الصحة لإقليم عفرين، إن المنطقة تتجه لكارثة إنسانية، في حال استمرار وضع الحصار ومنع إدخال الأدوية، “وصل الأمر لعدم تمكننا من إجراء العمليات البسيطة في مشفى أفرين.”
وأضاف حينها: “لا ننكر جهود جمعيات ومنظمات محلية في تقديم مساعدات إنسانية إلا أن تلك المواد لم تكن ترتقي لتلبية احتياجات سكان المنطقة ومهجري عفرين الصحية والإنسانية.”
وطالب “شباب” منظمة الصليب الأحمر الدولي والصحة العالمية بلعب دورهما لإيصال الأدوية إلى المنطقة، “وعدم السماح لسياسات الحكومة السورية باللعب بحياة السكان والنازحين.”
وخلال السنوات الثلاث الماضية، منعت الحواجز الأمنية التابعة للحكومة السورية بالقرب من مدينة منبج، شمالي سوريا ولأكثر من مرة دخول المواد الإغاثية والطحين والمحروقات إلى ريف حلب الشمالي.
والشتاء الماضي، لم تسمح الحواجز الحكومية بعبور المحروقات من الجزيرة إلى ريف حلب الشمالي، سوى مخصصات الدفعة الأولى، ما فاقم معاناة النازحين والسكان وسط انخفاض درجات الحرارة.
وحذرت هفين حسين، الرئيسة المشاركة لهيئة الصحة في إقليم عفرين من فقدان مرضى حياتهم، بينهم أطفال ومصابون بالسرطان وآخرون يتدهور وضعهم الصحي، إذ استمر منع دخولهم إلى حلب.
وطالبت هي الأخرى بفك الحصار عن المنطقة وقالت إن الوضع الصحي للمنطقة “ينذر بكارثة إنسانية.”
بينما اشتكى فرهاد علي (41 عاماً) وهو نازح من عفرين، من ارتفاع الأدوية وقال إنها تشكل عبئاً إضافياً عليه، في ظل تردي الوضعي المعيشي.
ولا يجد النازح وآخرون سبباً للحصار الذي بدأ منذ نزوحه إلى المنطقة قبل ثلاث سنوات، وقال “نحن مهجرون وحالنا معروفة، ما ذنبنا في ذلك؟”