الدفاع الوطني يجند أطفالاً في البادية السورية

تدمر- نورث برس

على الرغم من رفض نرجس العمر، وهي من سكان تدمر، وسط البادية السورية، لالتحاق ابنها البالغ من العمر 16 عاماً بصفوف فصيل الدفاع الوطني الموالي للقوات الحكومية، إلا أن إغراء الطفل بالمال الذي تحتاجه العائلة دفعه للالتحاق بهم.

وقالت الأم إن ابنها ياسين كان يبحث عن عمل يعيل به أمه وطفلين آخرين بعد وفاة والده.

ويقوم مسلحو الدفاع الوطني الموالون للحكومة السورية باستغلال ظروف عائلات في منطقة البادية السورية لتجنيد أطفال في صفوفهم من خلال إغرائهم بالمال والسلطة وسلال المساعدات الغذائية.

 ويمنع القانون الدولي تجنيد الاطفال دون سن الـ18في القوات المسلحة أو استخدامهم في الأعمال القتالية وفق اتفاقية حقوق الطفل للعام 2002.

والشهر الماضي، أدرج الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، “الجيش السوري” على القائمة السوداء للدول والجماعات المنتهكة لحقوق الأطفال في مناطق النزاعات.

ورصد التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة، بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة في العام الماضي،  2388 انتهاكاً جسيماً بحقوق الأطفال في سوريا، بينهم 813 طفلاً تم تجنيدهم في الحرب خلال العام 2020.

ووفق التقرير، تمثلت الانتهاكات الأكثر عدداً في تجنيد واستخدام الأطفال بالأعمال العدائية، يلي ذلك القتل والتشويه والاغتصاب، ثم الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية.

واقع مفروض

تقول نرجس إنها ليست الوحيدة بل هناك عشرات الأمهات في تدمر يعانين بسبب التحاق أطفالهن بصفوف القوات العسكرية.

ويرفض ذوو أطفال تجنيد أبنائهم غير البالغين رغم أوضاعهم المعيشية الصعبة والإغراءات التي تقدمها تلك الفصائل، “وذلك خوفاً من تتلطخ أيدي أطفالهم بالدماء”، على حد قول نرجس.

وتفضل غالبية العائلات أن يعود أبناؤها إلى المدارس أو أن يلتحقوا بأعمال أخرى.

وكانت أم ياسين تفضل أن يعمل ولدها في أعمال مدنية، لكن الظروف أرغمتها على الواقع المفروض.

وتخشى الأم أن يتم زج ابنها الطفل في المعارك مع خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المتواجدة في المنطقة من جهة، ومن أن تتلطخ يديه بالدم وهو ما يزال طفلاً من جهة ثانية.

وقال إبراهيم العبد (25 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان تدمر، إن عناصر الدفاع الوطني قاموا قبل أربعة أشهر بإقناع شقيقه الأصغر الذي يبلغ 15 عاماً بالالتحاق بصفوفهم، “من خلال إغرائه بالسلطة والمال الذي سوف يحصل عليهما  في حال الانتساب.”

وعندما حاول “العبد” إقناع أخيه بترك الدفاع الوطني والعودة لإتمام تعليمه من جديد، قام اليافع بتهديد أخيه “بزجّه في السجن.”

يقول إن شقيقه يقضي معظم أوقاته الآن وحتى الإجازات التي يحصل عليها برفقة عناصر الدفاع الوطني بمدينة تدمر أو دمشق في بعض الأحيان.

ترغيب وترهيب

وإلى جانب الإغراء بالمال، يجري إخبار اليافعين بأن فترة انضمامهم الآن ستُحسم من زمن خدمتهم الالزامية وأنهم سيبقون ضمن تدمر طيلة عملهم مع الدفاع الوطني، ولن يتم أخذهم لجبهات القتال وعمليات التمشيط خارج المدينة.

وكان  شقيق نور الناصر (19 عاماً)، وهو اسم مستعار لفتاة تعيش في تدمر، قد التحق مؤخراً بصفوف الدفاع الوطني بعد إغلاق بسطة المحروقات التي كان يعمل عليها من قبل مالك البسطة.

تقول نور إنه جرى اقناع شقيقها بالحصول على مرتب شهري ثابت يبلغ 120 ألف ليرة سورية، ومساعدات غذائية للعائلة المكونة من شيقته ووالدتهم وأخويه الصغيرين بشكل شهري.

وتعتمد الحكومة السورية في توزيع جزء من المساعدات الأممية التي تصلها على مسلحين ولجان أمنية محلية تابعة لها.

وتوجهت “الناصر” نحو مركز الدفاع الوطني في المدينة بهدف إرجاع  شقيقها البالغ من العمر 15 عاماً إلى المنزل، لكن العناصر هناك رفضوا طلبها وقاموا بطردها من المركز.

إعداد: آية الأحمد – تحرير: حسن عبدالله