كتاب “سوريا ـ تاريخ عالم مدمر” – الحالات التاريخية الطارئة

القامشلي ـ نورث برس

في كتابه المعنون أعلاه، يقدم الباحث الألماني “ميشائيل زومَر” تفاصيل ومواقف تاريخية ملفتة في الحضارات القديمة الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر دجلة في العصر الإغريقي والإغريقي المتأخر.

يبدو أن “الذاكرات لا تولَد، إنها تُصْنع. ليس ثمة من حالة يتنكر فيها الإنسان الماضي لِذاتِه. وهذه النظرية العلمية – الثقافية بشأن الذاكرة التي يتم دائماً تنسيقها وتداولها لغرض قابل للتحديد جماعياً وثقافياً على صعيد الحياة الدنيا أيضاً، طُبقت بصورة منتجة في فروع كثيرة من العلوم الإنسانية”. هذه العتبة الموجودة على غلاف كتاب “سوريا ـ تاريخ عالم مدمر” تحيل القراءة على مساحة كبيرة من مضمون الكتاب، وتوجهها نحو دلالات كبرى، وأسئلة كبيرة، تخص سوريا تحديداً، التي دخلت في حيِّزها دمار مستمر، وهو نقيض العمار، ونقيض الوعي بالوجود.

وبحسب بعض النقاد، فإن “ميشائل زومر” قد نجح بامتياز بأن يكون واقعياً ومثيراً في إلقائه أنواراً كاشفة على الماضي، وتضع الكليشيهات المتداولة موضع تساؤل، مثل: ما، ولِما كل هذا الخراب الذي لحق بسوريا؟.”

بحث حساس ومثير للجدل: ليس فقط لأنه يستقصي الجذور التاريخية لمنطقة الحضارة، التي أطلق عليها الرومان اسم سـوريا، والمتورطة اليوم على نحو عنيف وحشي في حروب عصابات وحروب بالنيابة في صيغة “حرب عالمية ثالثة”، بحسب تشخيص كثير من المراقبين.

وإنما أيضاً، لأنه في تحليله النماذج الاجتماعية والمنظومات الدينية في العصر الإغريقي والإغريقي المتأخر، يرسم صورة جلية، إنسانية جديدة، لمختلف ثقافات الإمبراطورية ووضعها الفكري.

تاريخ سوريا، وإعادة نحت الأمكنة ورسم الأزمنة التي مرت عليها، وتعزيز ذاكرة الأجيال الجديدة، هي زبدة الكتاب، أي وجهة نظر الباحث، الذي يقول: لقد أبعدت المنظور عن المصطلح الحدّي لـ”الحقيقة التاريخية”، الذي لم يتم التخلي عنه كلياً، بل تنظيمياً وحسب، ووجهته نحو تحليل محترم وناقد أيضاً لإيديولوجيا تعددية الذاكرات الجماعية على صعيد المكان والزمان.

الكتاب، في النهاية، حصيلة لحالات تُعاد وتتكرر باستمرار. فهل يمكن تفاديها!؟.

إعداد وتحرير: نور حسن