ازدياد الحوادث المرورية وسط انتشار قيادة الأطفال للمركبات في إدلب
إدلب – نورث برس
يتحسر عمر البكر (44 عاماً)، وهو من سكان مدينة سرمدا، بريف إدلب، شمال غربي سوريا، على ولده الوحيد الذي فقده بسبب قيادة طفل لشاحنة وسط غياب القوانين المرورية.
وفي نيسان/أبريل الماضي، فقد الابن البالغ من العمر 21 عاماً حياته نتيجة حادث مروري على طريق إدلب-سرمدا، بسبب دهس شاحنة يقودها طفل ومزودة بصهريج لنقل المياه.
يتساءل الأب بحسرة: ” كيف لصبي بعمر الثالثة عشرة أن يقود شاحنة كبيرة على طريق رئيسي، دون أدنى حس بالمسؤولية من قبل أهله، واستهتارهم بحياة الآخرين.”
وتتزايد أعداد حوادث السير المشابهة في إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، حيث تنتشر ظاهرة قيادة الأطفال للمركبات وسط غياب قوانين رادعة ودور جهات ناظمة لحركة المرور.
ومنذ بداية العام الحالي، تضاعف عدد حوادث السير شمال غربي سوريا، إذ وصل معدلها إلى أربعة حوادث يومياً، بحسب إحصائيات لمنظمة الخوذ البيضاء التي تنشط في مناطق المعارضة السورية.
ووثقت المنظمة 27 حالة وفاة جراء 1525 حادث سير في إدلب، خلال ثلاثة أشهر فقط هي “آذار ونيسان وأيار” من هذا العام .
استهتار وتهور
وتقع الكثير من تلك الحوادث نتيجة قيادة السيارات والدراجات النارية من قبل أطفال دون سن البلوغ، وعدم الالتزام بقواعد السير على الطرقات الرئيسة.
يقول “البكر” إن ولده كان يقود دراجته النارية على الطريق، حين ظهرت بوجهه شاحنة يقودها طفل، حيث قام الطفل بتغيير اتجاهه بشكل مفاجئ، فصدم ولده، الأمر الذي أدى إلى وفاته مباشرة نتيجة إصابة في الرأس.
ويقوم بعض الأطفال الذين يقودون الدراجات النارية بحركات “بهلوانية متهورة”، كالقيادة على عجلة واحدة على طرق رئيسة المزدحمة، ما يعرضهم لمخاطر كبيرة، ويتسبب بحوادث على تلك الطرقات.
وتصف مرام الرشواني (45 عاماً)، وهي من سكان مدينة إدلب، حادث سير جرى أمامها خلال شهر حزيران/يونيو الفائت، كان سببه “طيش ورعونة مراهقين واستهتار أهاليهم”، على حد قولها.
وتسبب طفل بعمر 15 عاماً تقريباً، يقود دراجة نارية بسرعة كبيرة على طريق إدلب – معرة مصرين، بدهس سيارة لطفل آخر كان يجلس خلفه على الدراجة.
فعمد الطفل الذي يقود الدراجة إلى قيادتها على عجلة واحدة لاستعراض مهارته، ما أدى لانزلاق الدراجة ووقوع الطفلين في منتصف الطريق، و دهس أحدهما من قبل سيارة أخرى مسرعة.
وتقول “مرام” إن “تسليم الأبناء قيادة السيارة أو الدراجة النارية قبل بلوغهم يتسبب بقتلهم وخسارتهم كما يتسبب بمخاطر للآخرين.
قوانين غائبة
وقال جميل الكنج (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لعنصر مرور سابق في مدينة إدلب، إن ” حالة الفوضى وعدم وجود قوانين رادعة تدفع الكثير من الأهالي لتسليم قيادة المركبات لأبنائهم دون أدنى حسّ بالمسؤولية.”
ويجهل كثير ممن يقودون المركبات في إدلب بقواعد السير، حيث لا تُعد حيازة رخصة القيادة شرطاً ليقوم أي شخص بقيادة المركبات، بحسب سائقين في إدلب.
ويرى “الكنج” أن كثرة الحوادث المرورية في إدلب يعود لغياب وجود جهة ناظمة أو عقوبات رادعة.
وما يفاقم المشكلة، بحسب “الكنج”، عدم وجود ما يُلزم السائقين بشروط معينة لقيادة المركبات “ما جعل من قيادة المركبات متوفرة لكل من يرغب.”