انتقادات ومطالبات في القامشلي بإجراءات “أكثر صرامة” بحق مسؤولين يُفضلون “مناهج النظام”

القامشلي – نورث برس

انتقد سكان وعاملون في الشأن الثقافي، الثلاثاء، إرسال مسؤولين ضمن الإدارة الذاتية أطفالهم للمدارس التابعة لحكومة دمشق، وسط مطالبات للإدارة بإجراءات أكثر صرامة لمنع “هذه التجاوزات.”

ومنذ سنوات تعتبر مسألة التعليم في إقليم الجزيرة، شمال شرقي سوريا، جدلية، نظراً لوجود منهاجين للتعليم، أحدهم سنَّته الإدارة الذاتية والآخر تابع لحكومة دمشق.

في عام 2015، اعتمدت الإدارة الذاتية نظام التعليم بحسب “اللغات الأم”، بما يضمن لكل طالب حقّ التعليم بلغته رسمياً، مع تعلم لغة المكونات الأخرى.

والخطوة ألغت نظام التعليم المعتمد في سوريا منذ عقود، وهو التعليم باللغة العربية فقط.

لكن معارضين للإدارة الذاتية وخاصة المجلس الوطني الكردي في سوريا، وصفو الخطوة “بالمتسرعة”. وقالوا إن “مناهج الإدارة غير معترف بها، ما يضع مستقبل الطلبة في خطر”، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين ضمن المجلس.

ويبلغ عدد الطلبة في مدارس الإدارة الذاتية، 789.225 طالباً موزعين على 4.137 مدرسة، وفقاً لإحصائيات هيئة التربية في شمال شرقي سوريا.

ومع صدور نتائج امتحانات البكلوريا لطلاب مناهج حكومة دمشق، عادت مسألة التعليم إلى الواجهة، لتطال الانتقادات مسؤولين ضمن الإدارة “ممن يطالبون السكان بدراسة مناهجهم، ويرسلون أطفالهم لمدارس النظام.”

وربطت مهدية محمد (46 عاماً)، وهي من سكان القامشلي، “تفضيل مناهج النظام، بحالة النقص لدى هؤلاء.”

وقالت في تصريح صوتي لنورث برس، إن ذلك يؤثر على صورة الإدارة أمام السكان، وانتقدت هذه “التجاوزات”، بحسب وصفها.

وطالبت “محمد”، الإدارة الذاتية بمحاسبة موظفيها ممن يُفضلون مناهج الحكومة على مناهج الإدارة، بالإضافة إلى سن قانون يمنع ارتياد أطفال العاملين لدى الإدارة للمدارس الحكومية.

وفي التاسع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2018، أصدر المجلس التنفيذي في إقليم الجزيرة، قراراً يمنع فيه أبناء موظفي ومسؤولي الإدارة الذاتية من الالتحاق بالمدارس التابعة لحكومة دمشق.

وسبق القرار، تعميم داخلي من هيئة التربية لجميع معلميها، بعدم إرسال أولادهم للمدارس الحكومية، مع محاسبات وإبعادهم عن العمل، وفقاً لفريدة إبراهيم، وهي الرئيسة المشاركة لإدارة مدارس “مقاطعة قامشلو”.

وقالت “إبراهيم” لنورث برس: “موقفنا ثابت. أي معلم لدينا يُفضل المناهج الحكومية، يبعد عن عمله، إلا في حال تعهده بعدم إرسالهم مرة أخرى.”

وحول عدد المعلمين الذين أبعدتهم الهيئة، لم تذكر المسؤولة التربوية العدد الحقيقي، إلا انها أكدت وجود “عدد جيد”، بحسب تعبيرها.

وانتقدت الرئيسة المشاركة لإدارة مدارس “مقاطعة قامشلو”، المجلس التنفيذي لقيام “عاملين تابعين له بإرسال أولادهم إلى مدارس النظام.”

وقالت نظيرة كورية، وهي الرئيسة المشاركة للمجلس التنفيذي في إقليم الجزيرة، في اتصال هاتفي مع نورث برس، إن القرار لا يزال سارياً.

وتحدثت كورية عن إجراءات قاموا بها في بداية العام الدراسي، من توجيه إنذارات وتعهدات خطية، إلا أنها ذكرت وجود تجاوزات.

واعتبرت المسؤولة السريانية ضمن الإدارة الذاتية، هذا التفضيل تناقض بين القول والفعل، وهو مرتبط بـ”الحس الوطني”، بحسب قولها.

وقالت إن إدارتها ستبحث هذا الموضوع خلال الفترة القادمة، دون الإفصاح عن آلية التعامل مع المسؤولين ضمن الإدارة ممن يرسلون أولادهم للمدارس الحكومية.

وقال المترجم، عبدالله شيخو، تعليقاً على الموضوع، إنه على السكان أن يعوا أن “حرمان طفلٍ ما من التعلّم بلغته التي يعيش بها ويتحدث بها مع محيطه، هو اعتداء على حقٍ أصيل من حقوقه الفطرية. وهذا الاعتداء يبقى اعتداءً حتى إن تمَّ من قبل الأب أو الأم.”

وأضاف: “الإدارة الذاتية أصابت حين تبنت التعددية اللغوية في التعليم داخل مناطق سيطرتها التي تضمُّ ثقافات وشعوباً متعددة، لكنها أخفقت في إدارة الملف التعليمي وإقناع المجتمع بأهمية التعلّم باللغة الأم.”

وأشار شيخو إلى وجود “خوف وعدم ثقة من المستقبل حتى من قبل بعض موظفي الإدارة الذاتية”، مستشهداً بإرسال بعض المسؤولين لأولادهم إلى مدارس حكومية.

ووصف المترجم الكردي الأمر بـ”الرياء والنفاق من قبل هؤلاء القياديين في مؤسسات الإدارة الذاتية، ما يسيء إلى جوهر قرار التعليم المجتمعي الذي تريده الإدارة.”

إعداد وتحرير: هوشنك حسن