هيئة تحرير الشام تضيّق على عمل الصحفيين في إدلب

إدلب – نورث برس

لم يكن أدهم دشرني (28 عاماً)، وهو ناشط إعلامي في مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، يعلم أن انتقاده لغلاء المحروقات على مواقع التواصل الاجتماعي سيعرضه للاعتقال في سجون هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

وتم استدعاء الشاب من قبل مديرية الإعلام في حكومة الإنقاذ الجناح المدني للهيئة، ليتعرض خلال يومين من توقيفه لمضايقات نفسية وجسدية، بحسب مقربين منه.

ونشر “دشرني”، الأسبوع الفائت، منشوراً عبر صفحته في فيسبوك يحمّل من خلاله “حكومة الإنقاذ” في المنطقة مسؤولية غلاء المحروقات، إذ أنها “لم تقدم للسكان ضمن مناطق نفوذها سوى الضرائب والإتاوات.”

اعتقال متكرر

في اليوم التالي لمنشوره، تم إبلاغ “دشرني” للمثول في مديرية الإعلام التابعة للإنقاذ “فوراً”، تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة في حال لم يمتثل للحضور .

وتعرض الناشط الإعلامي،  فور وصوله، للاعتقال بتهمة “إثارة الفتن والتحريض ضد حكومة الإنقاذ”، ليتم سجنه لمدة 48 ساعة كتحذير.

وتعتقل هيئة تحرير الشام صحفيين وناشطين إعلاميين بشكل متكرر في مناطق سيطرتها، لأسباب تتعلق بالرأي وانتقاد سياساتها.

واضطرت الهيئة مؤخراً، لإطلاق سراح الإعلامية “نور الشلو” بعد اعتقالها لعدة أشهر بتهم وجنايات عديدة وصفها ناشطون بـ”الملفقة”، وذلك بعد الضغط الإعلامي المحلي والدولي الذي طالب الهيئة بالكشف عن مصير الإعلامية.

وتتبع الهيئة عبر “حكومة الإنقاذ” سياسات ترهيب ضد الصحفيين العاملين في مناطق سيطرتها، وذلك من خلال التضييق عليهم والتحكم في عملهم وفق ما يخدم سياستها، بحسب صحفيين.

وأصدرت الهيئة مؤخراً قراراً يحظر على الصحفي ممارسة عمله إلا بموجب بطاقة صحفية يتم استخراجها من مديرية الإعلام التابعة لها، والتي لا تعطى إلا بعد دراسة أمنية.

ويخضع الصحفيون الراغبون باستخراج هذه البطاقة، للعديد من الشروط والأسئلة المتعلقة بخصوصية عملهم، أبرزها الكشف عن الاسم الحقيقي والاسم المستعار، بالإضافة للمؤسسة الإعلامية التي ينتمي إليها الصحفي وسياستها الصحفية، إضافة لمعرفة مكان إقامة المتقدم الحالية وعنوان منزله.

 لتبدأ بعدها دراسة موسعة من قبل لجنة مختصة مهمتها التحري عن صحة المعلومات المقدمة.

وتُمنح البطاقة بموجب الدراسة المقدمة، أو يتم منع الصحفي من مزاولة مهنته في حال لم يتناسب عمله مع شروط حكومة الإنقاذ، وفق ما قاله صحفيون في إدلب.

مصادرة معدات

وبداية هذا الشهر، اعترضت دورية أمنية تابعة لحكومة الإنقاذ، أحمد الرضوان (25 عاماً)، وهو اسم مستعار لصحفي في مدينة سرمدا شمال إدلب، عندما كان يمارس عمله في أحد أسواق المدينة.

وصادر عناصر الأمن معداته بعد أن علموا أنه لا يعمل لوسائل إعلام ناطقة باسم الهيئة وحكومتها.

وفي العاشر من حزيران/ يونيو العام الماضي، اعتدى عناصر من هيئة تحرير الشام بالضرب على عدد من الصحفيين في مدينة أريحا أثناء تغطيتهم لتسيير دورية مشتركة روسية-تركية على الطريق الدولي M4 جنوب إدلب.

وفي السابع من تموز/ يوليو من العام نفسه، اعتقلت قوة أمنية ناشطاً إعلامياً وشقيقه من وسط مدينة دركوش شمال غرب إدلب، على خلفية شجار، قال ناشطون إن عناصر التنظيم قاموا بافتعاله دون توضيح مكان وأسباب الاعتقال.

وسبقه استدعاء حكومة الإنقاذ لصحفي كان يعمل في إدلب على خلفية نشره صورة توثق تعرضه للاعتداء من قبل عناصر “الهيئة”، وهددته بمنع مزاولة المهنة في مناطق سيطرتها.

مضايقة صحفيات

ولم تقتصر انتهاكات ومضايقات هيئة تحرير الشام على الصحفيين الذكور فقط، إنما شملت أيضاً صحفيات عاملات في مناطق إدلب.

 وذلك من خلال إلزامهن بعدم الاختلاط في الفعاليات التي يكون فيها صحفيون على اعتبار أن “الاختلاط حرام” وتوجيه تهم مختلفة لهن.

وكادت صفاء الرستن (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لناشطة صحفية تعيش في مدينة إدلب، أن تتعرض للاعتقال، نهاية العام الماضي، من إحدى الدوريات النسائية التابعة “للحسبة” بسبب ممارسة عملها في تغطية إحدى الفعاليات المدنية برفقة صحفيين ذكور.

وتقول صفاء إنها “دخلت بمشادات كلامية مع عناصر الدورية النسائية”، إذ قامت إحداهن بتقييد يديها ومحاولة اعتقالها، لولا توسط إعلاميين آخرين.

وأشارت إلى أن الدورية اشترطت إلغاء الفعالية كاملة لإطلاق سراحها، “وهو ما حدث فعلاً.”

إعداد: سمير عوض – تحرير: حسن عبدالله