روسيا تغازل الكرد إعلامياً وتمنع المساعدات ميدانياً

القامشلي – نورث برس

غلب الرفض الروسي التصريحات الأميركية الداعية لإعادة فتح معبر تل كوجر (اليعربية)، وسط تصريحات إعلامية “إيجابية” من المسؤولين الروس تجاه الكرد السوريين.

والجمعة الفائتة، مدد مجلس الأمن، قرار دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر معبر باب الهوى مع تركيا فقط، بعد مطالبات محلية ودولية بإعادة فتح معبر تل كوجر.

وفي تموز/يوليو من العام الفائت، أغلق معبر تل كوجر، الواصل بين شمال شرقي سوريا والعراق، عقب فيتو روسي – صيني.

وكررت الإدارة الأميركية الجديدة، دعوتها لـ”ضرورة توصيل المساعدات عبر ممرات إنسانية” منها معبر تل كوجر، إلا أن جلسة مجلس الأمن، لم تجرِ كما تكررت تصريحات المسؤولين في واشنطن.

واعتبرت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أمس السبت، أن فتح معبر باب الهوى فقط، جاء بعد ضغوط روسية تركية على مجلس الأمن.

ووصفت القرار بـ”العقوبة بحق خمسة ملايين إنسان في شمال شرقي سوريا، وتأكيد واضح على أن هناك جهات تقوم باستثمار الوضع الإنساني في سوريا سياسياً.”

ورفضت الإدارة الذاتية قبول “بعض الأطراف للإجراءات الروسية التركية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية”، بحسب بيان نُشر على الصفحة الرسمية للإدارة على موقع فيس بوك.

وقبل جلسة مجلس الأمن بأسبوع، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن موسكو مستعدة للمساعدة في إجراء اتصالات بين دمشق والإدارة الذاتية.

وأضاف: “روسيا تشجع منذ بداية النزاع السوري على إجراء اتصالات مباشرة بين الكرد وحكومة دمشق بهدف التوصل إلى اتفاقات بشأن كيفية التعايش معاً في دولة واحدة.”

وقال دينيس كوركودينوف، وهو محلل سياسي روسي ورئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي في موسكو، إن روسيا تجد “عيوباً كبيرة” في قرار فتح المعابر الحدودية الذي اتخذ في العام 2014.

وفي العام 2014، وافقت موسكو بعد معركة دبلوماسية، على تمرير القرار 2165 لإيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.

ووافقت موسكو حينها على تمرير المساعدات خلال معابر نصيب مع الأردن، وتل كوجر مع العراق، وباب السلامة وباب الهوى مع تركيا.

وفي رده على سؤال لماذا لم تسمح موسكو بفتح معبر تل كوجر، قال كوركودينوف إن موسكو تخشى أن تستفيد وحدات “الحشد الشعبي” الموالية لطهران منه وتزيد بذلك نفوذها على الملف السوري.

“وسيخلق ذلك ضغطاً على حكومة بغداد وتصاعداً للتوترات الإقليمية”، وفقاً لرؤية المحلل الروسي.

ومن جانبه قال وليد جولي، وهو باحث في مركز الفرات للدراسات (مقره القامشلي)، أن “واشنطن لم تمنح  مسألة المعابر والأمن الغذائي، الأهمية ذاتها التي أولتها لملف الإرهاب، لأ المسألة لا تتعلق بأمنها القومي.”

ويعتقد “جولي” أن إثارة واشنطن لملف المعابر كانت لأهداف سياسية تخص علاقتها بموسكو وأنقره، بخصوص سوريا.

ووصف الكثير من المراقبين جلسة مجلس الأمن، كأول اختبار جدي لإدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، بخصوص الملف السوري.

ونص قرار مجلس الأمن على دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا إلى شمال غربي سوريا، على مرحلتين مدة كل منهما ستة أشهر.

وعن موافقة روسيا لفتح معبر باب الهوى قال المحلل السياسي الروسي، إنه “سيكون من المربح أكثر لروسيا إذا تم تسليم المساعدات الإنسانية تحت سيطرتها المشروطة وبمشاركة حلفائها في الوضع”، في إشارة إلى تركيا.

لكن القرار “يُبعد دمشق عن السيطرة على الجزء الشمالي الغربي من البلاد، حيث حصلت تركيا وروسيا على حقوق شبه مطلقة في إدارة الأراضي.”

فيما لام الباحث الكردي الولايات المتحدة “لمنح الأولوية لمعبر باب الهوى، وعدم استخدامها الضغط الأقصى مع روسيا بشأن معبر تل كوجر، ورضيت بهذا التعديل كحل وسط حالي مع روسيا، رغم أن تلك السياسات من شأنها أن تزيد من أزمة الأمن الغذائي في مناطق شمال شرقي سوريا.”

وأمس السبت، قالت الإدارة الذاتية، إن مناطقها “تحوي أكثر من 15 مخيماً، وتضم أكثر من مليون نازح من الداخل السوري.”

وذهب المحلل الروسي بالقول إن “حرمان موسكو لأكثر من 5 ملايين شخص من فرصة تلقي المساعدات الإنسانية، وسط انتشار جائحة كورونا وعقوبات قيصر، يظهر بوضوح تفوق المصالح السياسية على متطلبات الأمن الإنساني.”

وربط الباحث في مركز الفرات للدراسات، التصريحات الروسية الأخيرة بخصوص الكرد السوريين وملف المعابر، بقوله “موسكو ترى بأن السبيل الوحيد لتعويم النظام يكمن في تفعيل صيغة معينة مع إدارة شمال وشرق سوريا، ودفعها للتفاهم مع دمشق، وإصرارها على عدم فتح المعبر هي أيضاً وسيلة لتحقيق تلك الأهداف.”

أما المحلل الروسي فتحدث عن إشارتين للتصريحات الروسية، أولها تقديم الوعود للكرد السوريين بالحفاظ على حقوقهم الواسعة في الحكم الذاتي لإثارة قلق الولايات المتحدة التي تواصل الاعتماد عليهم (الكرد) للحفاظ على مواقعها في شمالي البلاد.

والإشارة الثانية هي أن الكرملين يعتزم أن يكون لديه خيار “تأمين الكرد في حال بدأت تركيا في اللعب بطريقة غير شريفة.”

إعداد وتحرير: هوشنك حسن