تكرر النزوح الليلي لسكان قرى شمال الحسكة بسبب القصف التركي

تل تمر – نورث برس

على بُعد أقل من كيلومتر من خط التماس مع الفصائل الموالية لتركيا غرب بلدة تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، تقف قطنة مرعي وهي سيدة أربعينية من قرية الكوزلية بالقرب من حظيرة أغنامها التي تدمرت بفعل القصف التركي قبل أيام وتتحدث عن لحظات الرعب التي عاشها السكان قبل أيام.

وقالت السيدة لنورث برس: “قبل أيام خفنا كثيراً جراء القصف على القرية، هربنا إلى جيراننا في القرى المجاورة، وتسبب القصف بتدمير حظيرة أغنامي ومولدتي الكهربائية.”

وأضافت: “هذه الأيام لا ننام في المنزل من الخوف، ومع حلول ساعات المساء نحمل مستلزماتنا ونخرج للعراء لنعود للمنزل صباحاً.”

ومنذ أواخر العام 2019، تحولت عشرات القرى الواقعة غرب تل تمر إلى خط نار بعد هجمات تركيا رفقة فصائل سورية موالية لها وسيطرتها على منطقتي تل أبيض وسري كانيه (رأس العين) حتى تخوم البلدة أواخر 2019.

وأصبح الطريق الدولي M4 الخط الفاصل بين مناطق انتشار مسلحي الفصائل الموالية لتركيا والقوات الحكومية التي تمركزت بالقرب من خط التماس برعاية روسية.

ومنذ تمركز الجيش التركي برفقة فصائل المعارضة الموالية لها على طول 40 كم بريف تل تمر، يعاني سكان قرى على خطوط التماس من استهدافات متكررة بين الحين والآخر، رغم وجود وقف إطلاق نار بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش التركي عقب اتفاقين أميركي-تركي وروسي- تركي.

ويتسبب القصف التركي بالأسلحة الثقيلة من قاعدتها في تلة قرية العامرية الواقعة بمحاذاة الطريق الدولي غرب البلدة، بهروب السكان من القرية وقضاء لياليهم في العراء، بحسب “مرعي”.

مدرسة مدمرة

وفي التاسع والعشرين من الشهر الماضي، استهدف الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة الموالية له، بالأسلحة الثقيلة قرية العريشة غرب تل تمر.

وجاء القصف التركي لقرية العريشة بعد ثلاثة أيام من قصف مماثل على قرية الكوزلية المتاخمة لخطوط التماس غرب تل تمر، ما أدى لنفوق 18 رأس ماشية وإلحاق أضرار مادية بممتلكات المدنيين.

وباتت مدرسة القرية التي كان يرتادها طلاب المنطقة للمرحلة الابتدائية، خارج الخدمة بعد استهدفتها المدفعية التركية بوابل من القذائف.

وتظهر خلال المشاهد التي التقطتها عدسة نورث برس حجم الدمار الذي لحق بالمدرسة والذي يصل لأكثر من 70% من المبنى جراء القصف.

تقول السيدة، وهي تنظر إلى ركام المدرسة، إن أحد أطفالها كان يرتادها وإنها لا تدري كيف سيكمل الأطفال تعليمهم فيها على هذه الحال من الدمار.

وتضيف: ” طال القصف المدرسة قبل يوم من الموعد المقرر لتوزيع الشهادات المدرسية، بينما كان ثلاثة أخرون يدرسون في قرية الأربعين، لكن بعد سيطرة الجيش التركي عليها لم نعد نرسلهم لهناك أيضاً.”

وذكرت أنه بسبب “ضيق الحال”، لا يمكنها إرسال أطفالها إلى بلدة تل تمر لإكمال دراستهم.

“ننام في العراء”

ونهاية الأسبوع الماضي، تسبب القصف التركي بتضرر شبكات الكهرباء، بينما لا تخلو منازل القرية من ثقوب في جدرانها الخارجية جراء تطاير شظايا القذائف.

ومنتصف أيار/ مايو الماضي، سطا مسلحون تابعون لفصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا، على راعي ماشية بالقرب من خط التماس في قرية تل كرابيت، 10 كم غرب تل تمر ، وسرقوا 200 رأس من أغنامه.

وفي الثلاثين من أيار/ مايو، حاولت فصائل مسلحة موالية لتركيا، التسلل من قرية القاسمية الخاضعة لسيطرتهم شمال غرب تل تمر.

ومنذ بداية العام، قامت القوات التركية والفصائل الموالية بقصف ريف عين عيسى وتل تمر 206 مرات، بالإضافة لشن أكثر من عشر هجمات برية، بحسب بيان للمركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية.

وضمن القرية نفسها، تمشي المسنة فاطمة خليل متكئة على عكازتها، وتتحدث أيضاً عن النوم في العراء.

وأشارت المسنة الثمانينية إلى أنه حتى ألواح التوتياء التي تغطي سقف منزلها لم تسلم من القصف التركي، إلى جانب خسائر كبيرة في محاصيلهم الزراعية من الذرة الصفراء والقطن والخضراوات.

وأضافت: “خزانات المياه وبراميل المحروقات طالتها الشظايا ولم تعد صالحة للاستعمال، الحياة هنا صعبة.”

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد