معامل منظفات في إدلب لتغطية حاجة السوق وسط صعوبات تأمين المواد الأولية
إدلب – نورث برس
وجدعبد القادر العكل (29 عاماً)، وهو نازح في مدينة إدلب، شمال غرب سوريا، مؤخراً عملاً داخل ورشة لصناعة المنظفات في المدينة بعد بقائه لأكثر من عام دون عمل.
وتنشط مشاريع صغيرة في إدلب وريفها لصناعة المنظفات المنزلية، وتهدف وفقاً لأصحابها، لتوفير حاجة السوق المحلي بأسعار أقل من المستوردة ولتأمين فرص عمل لبعض الشباب، إلى جانب تحقيق أرباح مادية.
ويعمل “العكل” مع أربع عمال آخرين في الورشة ويوزعون العمل فيما بينهم.
ويتقاضى النازح الذي ينحدر من بلدة حاس بريف إدلب 20 ليرة تركية (ما يقارب 7.500 ليرة سورية) يومياً مقابل ثماني ساعات عمل، ورغم أنه يجد أجره قليلاً، “ولكن يبقى أفضل من البقاء دون عمل.”
وقال فائز نجار (39 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب ورشة لإنتاج المنظفات في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، إنه وأقرانه يواجهون صعوبات في تطوير وتوسعة عملهم بسبب صعوبة تأمين المواد الأولية ومنافسة المنتجات التركية.
ويتم استيراد المواد الأولية الداخلة بصناعة المنظفات من تركيا بالدولار الأميركي، ويتم بيع المنتجات بالليرة التركية، مما يحقق “مرابح بسيطة” مقارنة بالجهد والوقت الذي يحتاجه العمل، بحسب أصحاب معامل وورشات إنتاج منظفات.
وترتبط أسعار السلع الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب، بسعر صرف الليرة التركية التي شهدت تراجعاً كبيراً أمام الدولار الأميركي خلال الآونة الأخيرة.
ومنذ حزيران/يونيو من العام الماضي، صدر قرار من حكومتي السورية المؤقتة والإنقاذ باستعمال العملة التركية بدلاً من الليرة السورية.
جودة متدنية
وسجلت الليرة التركية، يوم أمس الثلاثاء، في إدلب 7.539 مقابل الدولار الأميركي الواحد، بينما تعادل الليرة التركية الواحدة 513 ليرة سورية، بحسب موقع الليرة اليوم.
وأصبح أي انخفاض يلحق بالليرة التركية عاملاً أساسياً في ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد، بينما لا تتأثر الأسعار عادة عند أي تحسن في العملة كما حدث خلال الأسابيع الأخيرة.
وينتج معمل “نجار” أنواعاً مختلفة من المنظفات، منها أصناف سائل الجلي والصابون وشامبو الشعر ومسحوق الغسيل، ويصر أنها تفوق بجودتها المنتجات الموجودة في الأسواق نظراً “لخبرتي في هذا المجال.”
وكان “نجار”، وفقاً لما ذكره لنورث برس تدرب على هذه الصناعة على أيدي مختصين بهذا المجال، كما استفاد من تطبيق “يوتيوب”، وباشر العمل بأدوات تتمثل بآلة كهربائية لخلط المنظفات وأخرى لتصفية مادة الكلور وخزانات مياه وبراميل كبيرة.
لكن نورة الكنج (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لشابة من إدلب، قالت إن المنتجات المحلية تسبب ليديها بحساسية وأكزيما، وإنها تجهل طبيعة المواد الداخلة في صناعتها.
وأضافت: “ليس هناك على علب المنظفات المحلية أي لاصق يوضح طريقة الاستعمال وتاريخ الإنتاج ومدة الصلاحية، وتركيبة المواد الداخلة بصناعتها.”
وأشارت إلى وجود أنواع “رديئة” من المنظفات في الأسواق تنتشر بأسماء ماركات معروفة وبأسعار مرتفعة.
وبحسب أصحاب معامل وورشات إنتاج المنظفات، فإن العديد من المواد تدخل في هذه الصناعة وهي التكسابون وحمض السلفونيك وهيدروكسيد الصوديوم والملح الصخري، إضافةً إلى الملوّنات والعطور.
لكنهم يقولون إن المكونات تُخلَط “بعناية وبنسب محددة” قبل خروجها بشكلها النهائي للتعبئة.
أسعار مناسبة
ويبدو أن حليمة الحديد (41 عاماً)، وهي ربة منزل تعيش في إدلب، وأخريات من السكان لا يكترثن كثيراً لجودة تلك المنتجات وخاصة أنها “أرخص من منتجات المعامل الكبرى والمستوردة.”
“المنتجات المحلية مقبولة من حيث الفاعلية، والأهم أنها رخيصة نسبياً ومتناسبة مع سوء الأوضاع الاقتصادية العامة في المنطقة.”
وأشارت إلى أنها في السنوات الماضية كانت تشتري أنواع المنظفات ذات الماركات المعروفة، “لكن حالياً هي مرتفعة الثمن.”
وتشتري ربة المنزل الكيلوغرام الواحد من سائل الجلي بسعر ليرتين تركيتين، فيما “لو أردت شراء ماركات شهيرة ومعروفة، فيصل سعر الكيلوغرام منها إلى عشر ليرات تركية.”
واستغل عمار العبد الله (51 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب ورشة لإنتاج المنظفات في معرة مصرين، وجود مساحة حول منزله لافتتاح ورشة يعمل فيها مع ثلاثة من أولاده.
لكنه اشتكى من “احتكار” تجار الجملة للمواد الأولية المستوردة من تركيا والتحكم بأسعارها، إلى جانب انقطاع الكهرباء، “الأمر الذي يجبرني على العمل اليدوي الذي يحتاج لكثير من الوقت والجهد ويقلل الإنتاج.”