ممرضون في السويداء يتركون وظائفهم الحكومية في ظل تدني الأجور

السويداء – نورث برس

تبحث سماح حسان (40 عاماً)، وهو اسم مستعار لممرضة تعمل في مشفى زيد الشريطي الحكومي في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، عن فرصة عمل خارج البلاد، وخاصة أن زميلات لها أقدمن على تقديم استقالاتهن.

ومنذ عشرين عاماً، تعمل الممرضة في القطاع الصحي الحكومي، وقد تنقلت خلال تلك السنوات بين أكثر من مشفى حكومي، ولكن راتبها الحالي لا يتعدى 70 ألف ليرة سورية.

 ومنذ شهر، غادرت زميلة لـ”حسان” في مهنة التمريض البلاد للعمل في مشفى حكومي في مدينة طرابلس الليبية لقاء أجري شهري يبلغ 1.500 دولار أميركي.

ويشتكي ممرضون وممرضات في القطاع الصحي الحكومي بالسويداء من تدني قيمة رواتبهم الشهرية وغياب الحوافز المالية، حتى لمن يمتلك عشرات السنين من الخبرة والقدم الوظيفي.

ويطالب هؤلاء بتشكيل نقابة مهنية “حقيقية” لتنظيم عملهم والاهتمام بشؤون العاملين تحت مظلتها، لتحقق لهم الضمان الاجتماعي في حالات الشيخوخة والمرض والحوادث والعجز.

لكن ما تسمى “المنظمات الشعبية، ومن بينها نقابات العمال والأطباء والمعلمين، تعتبر رديفة لحزب البعث ولا تقدم أي ضمان لحقوق أعضائها، ما عدا صناديق تكافلية يقول موظفون إن أرقامها لم تعد تشكل فارقاً في حياة اليوم.

وفي العام 2012، صدر في العاصمة دمشق قرار إحداث نقابة للمرضين، ولكن ذلك لم يتم بحسب عاملين في القطاع الصحي بالسويداء.

أعداد متزايدة

وشهد القطاع الصحي في السويداء خلال سنوات الحرب تسرباً كبيراً في صفوف الكوادر الطبية والتمريضية, إلا أن حالات ترك الوظيفة الحكومية ازدادت خلال العامين الماضيين مع تقديم المئات استقالاتهم.

وبحسب سجلات مديرية صحة السويداء، يبلغ عدد الممرضين والممرضات 1.950 ممرضاً وممرضة في المشافي والمراكز الصحية الحكومية.

وتشير الأرقام، بحسب المديرية، إلى تسرب حوالي 50 بالمئة من الكادر التمريضي في مشفى زيد الشريطي الحكومي، عدا عن تقديم 354 من الكادر التمريضي في عموم السويداء لطلبات سحب تعييناتهم الوظيفية للسفر إلى أربيل أو الصومال أو سواها.

وتنتظر عشرات الاستقالات والطلبات حالياً في النافذة الواحدة للمديرية من أجل إنهاء الخدمة الوظيفية، بحسب مصدر في صحة السويداء.

ويعتبر ممرضون أن رواتبهم لا تتناسب مع الجهد الكبير الذي يبذلونه مع الصعوبات والضغوطات الجمة التي تعترضهم.

وقال أحمد رماح (42 عاماً)، وهو اسم مستعار لممرض يعمل في مشفى الباسل الحكومي بريف السويداء الجنوبي الشرقي، إن المشفى كان يضم منذ خمس سنوات 50 ممرضاً بين ذكور وإناث، ترك 75 بالمئة منهم وظائفهم.

وأشار إلى أن حجم الضغط الذي يتعرض له كممرض “هائل” وخاصة في ظل انتشار المجموعات والفصائل المسلحة المنطوية تحت إمرة الأمن الحكومي.

وذكر أنه وباقي زملائه داخل أقسام الإسعاف يتعرضون “لاعتداءات وإهانات عند دخول أحد المصابين من تلك الفصائل للعلاج.”

صعوبات وضغوط

وتضم السويداء أربعة مشاف حكومية وهي مشفى زيد الشريطي في مدينة السويداء ومشفى مدينة شهبا ومشفى الباسل في مدينة صلخد ومشفى مؤمن طلايع في بلدة سالي بالريف الشرقي للمدينة. 

ويرى رسمي أحمد (55عاماً)، وهو اسم مستعار لموظف حكومي في مديرية صحة السويداء، أن الاستقالات التي تصاعدت وتيرتها جاءت نتيجة لجملة من الصعوبات والمعوقات التي تعترض عمل الكادر التمريضي.

 “وفي مقدمتها الحرمان من أبسط الحقوق في الحوافز وطبيعة العمل التي يفترض أن تكون 75 بالمئة أسوة بعاملين آخرين في قطاع الصحة.

وأشار الموظف الحكومي إلى غياب التوصيف الوظيفي لمهنة التمريض وعدم تحديد مهام الممرض وواجباته وكذلك عدم تشميل الممرضين بالوجبة الغذائية رغم طول ساعات الدوام.

وتشكل الضغوط الكبيرة، خاصة في ظل وباء كورونا والتعب والسهر والإرهاق والعدوى والتعامل “الفظ “من الكثير من المرافقين، معاناة إضافية بحسب “أحمد”.

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد