تحذيرات من فقدان مهنة النسيج في سوريا بعد سماح الحكومة باستيراد القطن
دمشق – نورث برس
حذر خبراء اقتصاد في دمشق، الاثنين، من فقدان مهنة النسيج في سوريا بالكامل إن لم يتم إنقاذ موسم القطن القادم بشكل إسعافي واعتباره أولوية وخط أحمر، وذلك بعد سماح الحكومة باستيراد القطن لأول مرة في تاريخ سوريا.
ومطلع تموز/ يوليو الجاري، وافق رئيس حكومة دمشق، حسين عرنوس، على توصية اللجنة الاقتصادية بالسماح باستيراد مادة القطن المحلوج للقطاع العام والصناعيين فقط، وفق طاقتهم الإنتاجية الفعلية لمدة ستة أشهر فقط.
ونص القرار على السماح للصناعيين باستيراد مادة الخيوط القطنية بكمية خمسة آلاف طن فقط، وفق قرار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 192 للعام ،2014 ووفق قوائم تقدمها وزارة الصناعة على أن تصل آخر شحنة قبل نهاية العام الحالي.
وقال خبير اقتصادي، طلب عدم نشر اسمه، لنورث برس، إن “القرار منسق ومرتب لصالح شخص محدد من تجار الأزمة أو حيتان الاقتصاد، والدليل السرعة في إصدار القرار حتى من دون إجراءات تنفيذية.”
وقبل الحرب كان إنتاج سوريا من القطن يقدر بـ 240 ألف طن، وكان الفائض من المحصول يُصدر وتعجز سوريا عن تصريفه، لكنه انخفض الموسم الماضي إلى ١٤ ألف طن، لتصبح البلاد مستوردة له، بحسب الأرقام الرسمية.
أسوأ خبر
وقال خبير اقتصادي آخر إن هذا “أسوأ خبر” سمعه منذ بداية الأزمة في البلاد، لأن القرار أعلن موت الزراعة والصناعة في سوريا.
وتوقع الخبير أن تبلغ قيمة القطع الأجنبي الذي سيتم استنزافه خلال عام لاستيراد القطن والخيط، قيمة موسم كامل لزراعة القطن.
وأضاف أن بعض التجار قد يغرقون الأسواق بالقطن والخيوط لدرجة منافسة المزارعين المحليين الذين ربما سيهجرون أعمالهم وأراضيهم وسط ارتفاع التكاليف، “وإغراق الأسواق بالخيط القطني سيوقف عمل شركات الغزل العامة والخاصة.”
بالمقابل سترتفع أسعار جميع أنواع الأقمشة والألبسة الجاهزة، بحسب الخبير الاقتصادي.
كما سيؤدي القرار إلى خروج سوريا عن السعر العالمي المنافس بالخيط والقماش والألبسة الجاهزة، وستنخفض الصادرات للحد الأدنى وستخرج تدريجياً مهنة النسيج من الاقتصاد السوري، بحسب الخبير.
ومن جانبه، شدد مصدر في غرفة صناعة دمشق، لنورث برس، على أن لهذا القرار عواقب خطيرة على الصناعة السورية.
وأضاف المصدر الذي يعيش في العاصمة دمشق: “أقل نتائج القرار أنه يساهم في انتعاش التهريب للخيط والقماش ويتساوى المنتج المحلي مع المستورد في الأسواق.”
وتوقع عضو غرفة الصناعة أن تنخفض القدرة الشرائية للمواطن أكثر، “بحيث تصبح الألبسة الجاهزة وألبسة العيد وألبسة المدارس حلماً لغالبية السكان، وسط انتعاش مستوردات الألبسة الجاهزة والتي ستنافس الصناعة السورية.”
وذكر المصدر، أن هذا فقط كمرحلة أولى خلال ستة أشهر، “وستتضاعف الآثار عندما نقع في الهاوية ونجد أن لا حلَّ أمامنا إلا تجديد القرار ستة أشهر ثانية وثالثة.”
خسائر ضخمة
وقال صناعي سوري، فضل عدم نشر اسمه، لنورث برس، إن سماح الحكومة باستيراد القطن والخيط دون إجراءات وقائية واحترازية لحماية المنتج الوطني ودون استكمال الإجراءات القانونية بشكل استباقي، “قد يكلف الاقتصاد السوري خسائر كبيرة.”
واعتبر الصناعي أن القرار يجب أن يتضمن تحديد “سعر استرشادي للقطن المحلوج والخيوط القطنية”، لأنها تستورد للمرة الأولى.
كما طالب بفرض “ضميمة على سعر الخيط” لحماية المنتج الوطني للقطاعين العام والخاص.
ودعا الصناعي إلى منع تداول القطن والخيط دون بيان جمركي وفواتير لكافة مراحل الانتاج، وذلك لمنع أي فوضى واختلاط بأي مواد مهربة.
واقترح أن تفرض الحكومة “ضمان زراعة القطن لأرض زراعية على المستورد للموسم القادم بقيمة لا تقل عن ٥٠٪ من قيمة فاتورة المستوردات.”
ويتساءل صناعيون عن هدف قرار يسمح باستيراد الخيط القطني دون الاكتفاء بمادة القطن، رغم أن بالإمكان تصنيعه خلال ساعات بعد توفير القطن.
إعداد: محمد العمر – تحرير: محمد القاضي
