رشاوى إجبارية للحصول على رخصة قيادة السيارة في حماة

حماة – نورث برس

هذه هي الدورة السادسة التي لا يتمكن فيها جهاد الشماع (40عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة حماة، وسط سوريا، من النجاح في امتحان قيادة السيارة والسبب عدم دفع رشاوى لضمان النجاح.

ويقول سكان في حماة إن مدارس تعليم قيادة السيارات تفرض عليهم دفع رشاوى، لا علاقة لها برسوم التسجيل والرخصة الرسمية، يسميها المشرفون على الاختبار “رسوماً لضمان النجاح” في الامتحان النظري والعملي.

يقول “الشماع” إنه لا يملك خياراً آخر سوى دفع تلك الرسوم، وخاصة أن أحد أصدقائه “لم يتقدم للامتحان ولم يتم اختباره في القيادة ونجح في الامتحان وحصل على رخصة القيادة.”

ويبلغ عدد مدارس تعليم قيادة السيارات في حماة، أربع مدارس وهي مدرسة أبي الفدا والأهلية وعهد ومدرسة مورك.

ويسجل من يرغب في الحصول على رخصة قيادة السيارات العامة أو الخاصة في تلك المدارس ويتم تدريبهم وإعطاؤهم دروساً قبل إجراء امتحان نظري واختبار عملي بإشراف ضباط وموظفين من مديرية المرور.

وبحسب متدرب تقدم للحصول على الرخصة في تلك المدارس، فإن الضباط لا يهتمون بخبرة المتقدم أو إتقانه القيادة، بل “يضعون الدرجات بحسب المبلغ المدفوع.”

رشاوى وابتزاز

وقال “الشماع” إن أسماء الناجحين توضع “عند دفع الرشاوى للمدارس التي يتفق القائمون عليها مع الضباط.”

وتتراوح أسعار رسوم التسجيل في تلك المدارس بين 70 و90 ألف ليرة سورية.

ويتم دفع رسوم المرور بعد نجاح المتقدم في امتحان القيادة، حيث تجرى الفحوص الطبية في مديرية المرور وهناك يتم دفع حوالي 25 ألف ليرة كرسم إصدار الرخصة وتعطى الرخصة للناجح بعد ورود الأسماء من المدارس.

لكن ضياء الشامي (29عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان حي جنوب الملعب بحماة ذهب للتسجيل في إحدى المدارس في ساحة العاصي، تفاجأ بوجود رسمين للتسجيل، “رسم لضمان الشهادة ورسم بدون ضمان.”

وأخبره الموظف: “إن كنت تريد النجاح فرسم التسجيل 85 ألف ليرة، وإن أردت إعادة الامتحان عدة مرات فالرسم 55 ألف ليرة، وإن دفعت الضمان فأنت ناجح سواء أتعلمت أم لا”، بحسب ما نقله “الشامي”.

ورفض المتقدم دفع ضمان النجاح، “لأنني متمكن في القيادة منذ أكثر من عامين.”

وأضاف “الشامي” أنه أجاب عن الأسئلة في الاختبارين النظري والعملي “بشكل ممتاز وقمت بقيادة السيارة كما طلب مني الضابط، ولكن تفاجأت بأنهم سجلوني رسوب.”

واضطر الشاب العشريني لاتباع دورة ثانية ودفع رسوم جديدة والرشوى (رسم الضمان)، “هذه المرة كان اسمي بين الناجحين، فالرشاوى تؤخذ علناً وعلى مرأى الجميع.”

ويتهم “الشامي” ضباط المرور ومدارس تعليم قيادة السيارات بأنهم “شكلوا عصابة مهمتها ابتزاز السكان.”

نسبة للضباط

وبحسب شاهين المازوني (43عاماً)، وهو اسم مستعار لموظف في إحدى مدارس تعليم قيادة السيارات بحماة، يحصل الضباط المشرفون على الاختبار العملي والموظفون الذين يجرون الامتحان النظري على نسبة من الرشاوى.

وقال: “يتم تسجيل أسماء الناجحين عند الدفع وحتى قبل إجراء الامتحان.”

وأضاف: “الذي يقوم بدفع ضمان للنجاح ينجح، والذي لا يدفع يتم ترسيبه لعشرات المرات حتى يفقد الأمل ويعود للمدرسة ويدفع الضمان.”

وقالت هبة العمري (34عاماً)، وهو اسم مستعار لشابة من حي تشرين بحماة، إنها على رخصة قيادة السيارة “رغم أنني لا أعرف القيادة.”

وأشارت إلى أن التدريب الذي تلقته في المدرسة كان شكلياً، إذ أنه “عبارة عن تدريب المحترفين ولا يتم تعليم شيء للمبتدئين”، على حد قولها.

ولكن طُلب منها دفع 20 ألف ليرة، “ونجحت بالرغم مع أنني لم أنفذ الطلبات التي طلبها الضابط كالرجوع للخلف وإطفاء السيارة والقيادة بين الخطوط البيضاء ولم أقم بالإجابة عن الأسئلة النظرية التي طرحها علي موظفون.”

وسجلت مدينة حماة ازدياداً كبير في الحوادث المرورية، حيث فقد 165 شخصاً حياته في حوادث مرورية، منذ بداية العام الحالي، بحسب رئيس الطبابة الشرعية في حماة.

وفي السابع عشر من الشهر الجاري، قضى أربعة طلاب جامعيين، وأصيب عشرة آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، جراء تدهور حافلة نقل في ريف حماة.

وكان شرطي مرور يعمل في نقطة مرورية على أوتوستراد دمشقـ حمص قد قال في تصريح سابق لنورث برس، إن من أبرز أسباب حصول الحوادث عدم تقيد السائقين بقواعد المرور واستخدام الهواتف أثناء القيادة.

لكن هناك من يرى أن من بين أسباب الحوادث في سوريا هو الفساد الذي يسهل منح رخص قيادة السيارات وخاصة العامة لأي شخص بدون التأكد من مهاراته ومعلوماته في قيادة المركبات.

بينما تقول “العمري”: “أنا لم أتعلم إلا القليل لقيادة السيارة، لكن حالياً أتلقى التدريب لدى مدربة خاصة.”

إعداد: علا محمد – تحرير: سوزدار محمد