سكان مخيم للاجئين الفلسطينيين في دمشق يتخوفون من مخطط حكومي لإعادة تنظيمه

دمشق – نورث برس

تتحدث سلمى الصفدي (٧٩ عاماً)، وهي نازحة من مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق، بحزن هذه الأيام، عن حلمها وعائلتها في العودة إلى منزلها بمخيم اليرموك.

وتتخوف “الصفدي” من مخطط تنظيمي للحكومة، بسبب التغيير الذي سيحدثه في المخيم، إضافة إلى شروط تثبيت الملكية وصعوبتها مع نزوح العديد من سكان المخيم إلى الخارج وعدم قدرتهم على العودة وتثبيت ملكيتهم، وهو ما يهدد بمصادرتها لصالح الحكومة.

وفي شهر حزيران/ يونيو ٢٠٢٠، أعلنت محافظة دمشق عن مخطط تنظيمي لمخيم اليرموك، والذي يقوم على تحويل المنطقة إلى أسهم توزع حسب الحصص.

“المخيم أصبح حلماً”

وقالت “الصفدي”، التي تعيش حالياً في بلدة صحنايا في ريف دمشق، إن المخيم كان “فلسطين المُصغّرة” بالنسبة لها، “فقد كان عاصمة الشتات الفلسطيني.”

لمتابعة جميع الأخبار… حمل تطبيق نورث برس من متجر سوق بلاي

وأضافت: “العودة على ما يبدو أصبحت حلماً الآن. ألم التهجير والترحال الدائم والتنقل من مكان لمكان يبدو لي كأنه قدر محتوم كُتب علينا ولا يمكن التخلص منه.”

وقالت السيدة التي كانت معلمة في مدارس الأونروا: “لقد عشت في مخيم اليرموك ٦٠ عاماً من عمري، ولطالما حلمت بالعودة إلى فلسطين التي هُجِّرنا منها وأنا طفلة في الخامسة، واليوم نبحث عن إحياء لذاكرة المخيم.”

وأشارت إلى أن منزلها في المخيم لم يعد منزلاً، فلا وجود للأثاث الذي تم “تعفيشه”، بالإضافة إلى وجود آثار لطلقات الرصاص على جدران المنزل إثر الاشتباكات التي دارت هناك.

ويعد مخيم اليرموك، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من حيث السكان، إذ كان يسكنه قبل الأحداث في سوريا أكثر من 230 ألف لاجئ فلسطيني، كما ويعد الأكبر مساحة (220 هكتاراً).

وشهد المخيم، مع بداية 2012، أعنف المعارك في محيط العاصمة، وتناوبت في السيطرة عليه فصائل مسلّحة مع جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بعد خروج فصائل فلسطينية وأخرى سورية معارضة منه.

وجاء دخول القوات الحكومية إلى المخيم، إثر جهود روسية أفضت في أيار/ مايو 2018 إلى خروج نحو 2556 مسلحاً مع عائلاتهم.

وتضمن الاتفاق حينها، خروج المسلحين من اليرموك وفك الحصار عن آخرين في كفريا والفوعة بريف إدلب.

مخاوف

وبقي المخطط الحكومي في حالة تريث وتأجيل، تكتنفه الضبابية من قبل المحافظة نتيجة ضغط سكان المخيم ورفضهم له، في ظل المعاناة المستمرة للسكان نتيجة نزوحهم من منازلهم.

وقال أسعد الحسين (42 عاماً)، وهو اسم مستعار لمحامٍ من مخيم اليرموك نزح إلى حي القصور في العاصمة، إن “المخطط التنظيمي وضع في حالة التريث نتيجة ضغوط السكان على المحافظة.”

وأضاف لنورث برس، أن إشكالية المخطط بدأت مع اعتبار المنطقة كـ”أسهم”، وتنفيذ المخطط وفق القانون رقم 5 للعام 1982، ما دفع السكان إلى كتابة العديد من العرائض وتقديمها للمحافظة والاحتجاج على المخطط المقترح.

ويواجه سكان المخيم مشاكل تتعلق بعدم دفع تعويضات لما يمكن أن تصادره المحافظة من أراضٍ، إضافة إلى تعويض السكن البديل لغاية تنفيذ المخطط، بحسب ” الحسين”.  

“اعتداء”

وقال باسل عكاوي (39 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد أعضاء اللجان الفلسطينية، لنورث برس، إن المخطط الحكومي الجديد يصادر أحياء وشوارع بأكملها في اعتداء على حقوق الملكية العقارية لسكان المخيم.

وذكر أن تعويض من يفقد جزءاً من ملكيته العقارية “سيكون على شكل أسهم تنظيمية لن تعادل حجم وقيمة ما خُسِر.”

وأضاف: “المحافظة اشترطت على من يرغب في العودة إلى المخيم أن يثبت ملكيته للعقار، وأن يكون البناء صالحاً للسكن، وأن يحصل هو وعائلته على الموافقات الأمنية لذلك.”

ويجد “عكاوي” من الصعوبة، إثبات الملكية العقارية مع فقدان الكثير من الوثائق في موجات النزوح خلال الحرب، إضافة إلى مشكلة أن بعض العقارات تكون بأسماء بعض أفراد العائلة الهاربين إلى الخارج خوفاً من ملاحقات أمنية من الحكومة.

ومثل هذه الإجراءات المتعلقة بثبيت الملكية ستعني إفقاد من هم في الخارج القدرة على الاحتفاظ بملكياتهم، “خاصة وأن القانون يمنح مدة 30 يوماً فقط للاعتراض على المخطط التنظيمي منذ تاريخ إعلانه”، بحسب “عكاوي”.

 ورغم أن بضع مئات من العائلات نجحت في العودة إلى المخيم، إلا أنها تعيش دون توفر لأدنى الخدمات الأساسية فيه.

 إعداد: رغد العيسى – تحرير: فنصة تمو