نازحون جراء التصعيد العسكري في إدلب يواجهون صعوبات في تأمين السكن

إدلب نورث برس

بعد رحلة بحث استمرت لأكثر من أسبوع، كانت عائلته تسكن خلاله تحت أشجار الزيتون شمال غربي سوريا، تمكن أحمد خطاب (38 عاماً) وهو نازح من بلدة بليون من إيجاد منزل للإيجار في مدينة الدانا شمال إدلب بسعر مرتفع.

ومنذ مطلع الشهر الفائت، تشهد مناطق شمال غربي سوريا، الخاضعة لاتفاق خفض التصعيد الموقع بين روسيا وتركيا في آذار/ مارس 2020، تصعيداً عسكرياً وقصفاً متبادلاً بين القوات الحكومية المدعومة من روسيا من جهة، وفصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا من جهة أخرى.

وأدى التصعيد العسكري في المنطقة لحركة نزوح سكان من قرى وبلدات عدة في منطقة جبل الزاوية كبليون وفيلون ومشون ومنطف وأبين وكفرلاتا وغيرها من القرى في ريف إدلب الجنوبي نحو المناطق الحدودية.

وتواجه العائلات النازحة صعوبات أبرزها ازدحام الأماكن الصالحة للسكن في المنطقة الحدودية التي تكتظ بمئات آلاف النازحين، ما يجبر عائلات للمبيت تحت أشجار الزيتون.

كما يعجز النازحون مؤخراً عن إيجاد سكن في المدن بسبب ارتفاع إيجارات المنازل وعدم قدرتهم على دفع ثمنها.

إيجارات مرتفعة

واضطر النازح “خطاب” لدفع 375 دولاراً أميركياً (حوالي مليون ومئة ألف ليرة سورية) أجرة منزل لثلاثة أشهر فقط، إذ اشترط صاحب المنزل أن يدفع أجرة تلك المدة سلفاً.

ويبدو النازح في حيرة من أمره، وخاصة أنه بقي بلا عمل حالياً، كما أنه غير قادر على جني محاصيله من الأشجار المثمرة بسبب تصاعد القصف المتبادل في بلدته بريف إدلب الجنوبي.

 وتتراوح أسعار الإيجارات في أحياء مدينة إدلب القديمة بين 50 و100 دولار أميركي، بينما تتجاوز أسعارها في أحياء أخرى 250 دولاراً شهرياً، وفقاً لمستأجرين في المدينة.

وتتراوح أسعار إيجارات المنازل في المدن والبلدات الحدودية شمالاً بين 50 و200 دولار أميركي شهرياً.

 ويحدث هذا في وقت تتضاءل فيه فرص العمل وينخفض مستوى الدخل، ووسط تهديد روسي بإغلاق معبر باب الهوى الذي تدخل منه مساعدات أممية للمنطقة.

والاثنين الماضي، استهدفت قوات الحكومة السورية، مواقع فصائل معارضة مسلحة في قرى وبلدات منطقة جبل الزاوية.

وقال شهود عيان لنورث برس حينها إن القوات الحكومية قصفت بقذائف المدفعية الثقيلة والصواريخ من مواقعها في الحواجز المحيطة، الأحياء السكنية في بلدة البارة جنوبي إدلب.

وأسفر القصف عن إصابة شخص قال المصدر إنه “مدني” بجروح متفاوتة الخطورة.

نزوح مستمر

ومساء أمس الأربعاء، تعرضت مواقع الفصائل في قرى وبلدات البارة والفطيرة وكفر عويد وسفوهن والفطيرة و أطراف كنصفرة في جبل الزاوية جنوب إدلب لقصف، دون ورود أنباء عن خسائر بشرية.

وتتزامن عمليات القصف مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع التابعة لسلاح الجو الروسي في سماء إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية شمال غربي سوريا.

وأسفر القصف المتبادل إلى الآن عن مقتل أكثر من 30 مدنياً وإصابة أكثر من 70 آخرين، بحسب الدفاع المدني في إدلب (الخوذ البيضاء).

ولم تتمكن نورث برس من الحصول على معلومات من مصادر مستقلة تؤكد هذه الأرقام.

وخرج سعد العمر(40 عاماً)، وهو من سكان بلدة منطف في جبل الزاوية، من منزله رفقة عائلته المؤلفة من تسعة أشخاص بعد منتصف الليل، نتيجة تعرض البلدة لقصف صاروخي “مكثف ومفاجئ.”

وقال لنورث برس: “لا ندري كيف استطعنا الخروج تحت القصف، كانت تلك الليلة من أسوأ الأيام التي مرت علي طيلة حياتي.”

ووصل “العمر” إلى مخيمات النازحين في منطقة دير حسان مع حلول الفجر، بعد رحلة وصفها بـ”المأساوية”، إلا أن معاناته لم تنتهِ هنا، إذ أن صعوبة تأمين خيمة صغيرة يأوي بها أطفاله كانت المأساة الأكبر، على حد تعبيره.

واضطر للسكن مع عائلة أحد أقاربه في خيمة لأكثر من ثلاثة أيام، إلى أن استطاع شراء خيمة مستعملة بسعر 75 دولاراً أميركياً وقام بنصبها في محيط أحد المخيمات المنتشرة بكثرة في تلك المنطقة.

وأشار الرجل الأربعيني إلى أن معظم السكان الذين كانوا يسكنون في منطقة جبل الزاوية هم من الطبقة المتوسطة التي تعتمد على الزراعة كموردٍ أساسي للرزق.

وأضاف، أنه في مثل هذه الأوقات يبدأ السكان قطاف موسم الكرز والمحلب والمشمش والوشنة، إضافةً إلى موسم التين الذي اقترب موعد قطافه، “ولم نتمكن هذا العام من جني محاصيلنا نتيجة القصف المكثف.”

إعداد: براء الشامي- تحرير: سوزدار محمد