مزارعون في السويداء: لا دور لاتحاد الفلاحين في القرارات الحكومية

السويداء- نورث برس

ينتقد مزارعون في مدينة السويداء وأريافها، جنوبي سوريا، غياب دور اتحاد الفلاحين بالسويداء في عملية تسعير المحاصيل وتوفير مستلزمات الزراعة “بأسعار مناسبة” في ظل الخسائر التي تكبدها مزارعو القمح والشعير هذا العام.

وهذا العام، توقف الاتحاد عن تقديم المبيدات الحشرية والفطرية للمزارعين بعد أن توقف الدعم من اتحاد الفلاحين العام في دمشق، بحسب مسؤول في اتحاد الفلاحين بالسويداء طلب عدم نشر اسمه.

وعام 1943، تأسست أول جمعية تعاونية فلاحية في سوريا، في قرية دير عطية بريف دمشق ، بهدف تحسن أوضاع الفلاحين فيها ، وسجلت كشركة لعدم وجود قانون خاص بالتعاون آنذاك.

وعام 1974، تأسس اتحاد الفلاحين بالسويداء بقرار ومرسوم جمهوري أصدره الرئيس السوري السابق حافظ الأسد.

واتحاد الفلاحين الحالي هو إحدى المنظمات التابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي، والتي تمثل مع غيرها في مجلس الشعب السوري الذي يسيطر البعث وحلفاؤه في الجبهة الوطنية التقدمية على مقاعده.

وخلال سنوات سابقة، كان الاتحاد يقدم المبيدات الحشرية للمزارعين بأسعار تقل عن أسعار الصيدليات الزراعية في أسواق السويداء بنسبة خمسة بالمئة، وبدفعة أولية تبلغ ٥٠ ٪ من  أسعار الأدوية ليدفع المزارع النصف الباقي في نهاية الموسم.

ومنذ عقود يزرع حسين رشيد (56 عاماً)، وهو اسم مستعار لمزارع في ريف السويداء الغربي، أرضه (مساحتها 30 دونماً) بمحاصيل حقلية متنوعة كالقمح والشعير والحمص.

وكثيرة هي “السنوات العجاف” كما يصف “رشيد” قسوتها، إذ تحمّل وعائلته خسائر دفعته أحياناً للعمل في المدينة كعامل بناء تارة وبائع لأكواز الذرة المسلوقة تارة أخرى، “دون أن أستشعر أن هناك اتحاداً يقف إلى جانبنا ويتلمس مشاكلنا الزراعية.”

ولم يزر “رشيد” مقر الاتحاد سوى مرة واحدة العام الماضي ليقدم على طلب توفير مادة المازوت لجراره الزراعي، “لكن دون أي استجابة.”

“لا نملك القرار”

وقال المسؤول في الاتحاد إن مستودعات اتحاد الفلاحين ضعيفة جداً من حيث تأمين الأسمدة الزراعية والمبيدات والمحروقات، وإن توفرت “فإن اسعارها لا تختلف كثيراً عن أسعار الأسواق.”

ومنذ عام ونتيجة شح الأدوية الزراعية، أغلقت الصيدلية الزراعية المركزية التابعة للاتحاد ولأجل غير مسمى.

وقبيل إغلاق الصيدلية، كانت برمنغنات البوتاسيوم (مركب كيميائي) والتي تطلى بها جذوع الأشجار لحمايتها من الآفات الحشرية تباع بسعر 8.900 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.

بينما كان الكيلوغرام الواحد من المادة نفسها يباع في أسواق السويداء بـ 8.600 ليرة، بحسب مزارعين.

وهذا العام، تعرضت المحاصيل الشتوية، ولا سيما القمح والشعير، لانحباس الأمطار وغزو حشرة السونة، التي أتلفت قسماً كبيراً من المحاصيل، ما جعل الإنتاج هذا العام “خاسراً ودون سابقه”، على حد قول المزارعين.

ويتألف اتحاد الفلاحين في السويداء من خمس روابط فلاحية تتوزع على خمس مناطق وهي صلخد وشهبا والقريا والمدينة والمزرعة.

 وتتكون كل رابطة من خمسة أعضاء يتم انتخابهم من قبل مندوبي أكثر من بلدة وقرية لتأتي بعدها ما يسمى بـ “الجمعيات الفلاحية”، وهي تتواجد داخل كل قرية أو قريتين متجاورتين، وتتألف الجمعية من خمسة أعضاء من فلاحي القرية.

ويعتبر كافة المزارعين في مناطق سيطرة الحكومة أعضاء في الاتحاد، وذلك لحاجتهم للثبوتيات المتعلقة بأراضيهم وأعمالهم والتي يشترط تصديقها من الاتحاد.

ويبلغ عدد المزارعين المنتسبين إلى الاتحاد في السويداء 44 ألف مزارع يتوزعون على 136 جمعية فلاحية منتشرة في عموم بلدات وقرى  السويداء.

“لا دور في الأسعار”

وقال مختار الحلبي (59 عاماً)، وهو اسم مستعار لمسؤول آخر في الاتحاد، إنهم لا يملكون دوراً في أي قرار يلبي احتياجات المزارعين ويتماشى مع طبيعة الزراعة في الجنوب السوري.

وبحسب “الحلبي” فإن مجمل القرارات الصادرة عن الاتحاد “لا تتعدى أن تكون سوى صدى لما يقرره اتحاد الفلاحين العام بدمشق والخاضع إلى القرار المركزي الحكومي.”

ولا يمكن القيام بأي استجابة جدية، بحسب تعبير “الحلبي”، لشكاوى المزارعين حول المعوقات التي تعترض تطور الزراعة ودعمها “مادام القرار في دمشق يصدر دون رأينا.”

وأشار “الحلبي” إلى ضرورة تشكيل صندوق مالي مستقل يتم تمويله من أعضائه الفلاحين المنتسبين إليه وإعادة هيكلية الاتحاد “والخروج من دائرة الولاء لحزب البعث.”

لكن يبدو أن كلام المسؤولين الحكوميين لا يلقى صدى لدى حمدان رجب (57 عاماً)، وهو اسم مستعار لمزارع يملك أرضاً تحوي أشجار فاكهة في ريف السويداء الشرقي.

وقال “رجب” إن كل ما يبذله من جهد طيلة العام يصطدم في نهاية المطاف بآلية تسويق ثماره التي “يتناهشها تجار الأسواق بأبخس الأثمان” دون أن يكون للاتحاد أي دور في التسعيرة.

ويملك المزارع 25 دونماً من الأرض مزروعة بالأشجار المثمرة، وبلغت تكلفة شراء المبيدات الحشرية والفطرية  والحراثة والعزاقة بين الأشجار والتقليم وشراء الوقود والمستلزمات الأخرى نحو أربعة ملايين ونصف المليون ليرة سورية.

وبلغت كمية إنتاج أشجار الكرز هذا العام في أرضه ألف كيلوغرام، لكنه لم يستطع بيع الكيلوغرام الواحد منها بأكثر من 1.500 ليرة سورية “جراء تآمر تجار الضمانة على المزارعين وتوحيد أسعار الشراء بينهم”، بحسب المزارع.

 وأشار حمدان رجب إلى احتمال تعرضه لـ “خسائر أكبر” خلال بيع محاصيل الأشجار الأخرى والتي يبدو أنها لا تغطي تكاليفها.

إعداد: سامي العلي- تحرير: سوزدار محمد