باحثات عن عمل بريف دير الزور يتعرضن لاحتيال عبر الإنترنت
دير الزور- نورث برس
ظنت مريم العلوي (20 عاماً)، وهي من سكان مدينة البوكمال الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية بريف دير الزور الشرقي، أنها وجدت عملاً عبر شبكة الإنترنت دون الحاجة للخروج من المنزل، قبل أن تدرك أنها تعرضت لاحتيال.
وأثناء تصفحها مجموعات عبر موقع فيسبوك، وجدت منشوراً يعلن عن الحاجة لفتاة تعمل في مجال التسويق الإلكتروني (أونلاين).
ولم تتردد الشابة العشرينية من مراسلة صاحبة المنشور لعرض العمل لديها والذي كان يقتصر على الترويج لملابس ومستحضرات تجميل وبعض القطع الإلكترونية براتب شهري ثابت قدره 100 ألف ليرة سورية.
وقالت “العلوي” إنها وجدت فكرة العمل في التسويق من المنزل فرصة لها لقضاء وقت فراغها والحصول على دخل مادي لشراء احتياجاتها بنفسها دون الاعتماد على عائلتها.
ومع حلول نهاية الشهر وبعد عمل استغرق مجهود النشر على المجموعات وتكاليف رصيد الإنترنت لاستقبال الصور المراد ترويجها، صدمت من حظرها على تطبيق “الواتس آب”.
وأنها كانت تعمل لدى مسوقة تحاول التخفيف من عملها عبر خداع فتيات لنشر المنتجات التي تسوق لها.
وتنتشر حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تطلب فتيات للعمل في تسويق المنتجات على مواقع التواصل بشكل عام وعلى فيسبوك بشكل خاص، ما دفع عدداً من فتيات دير الزور للتواصل وطلب العمل دون معرفتهن بأن الأمر “عملية احتيال.”
لا أتعاب
وتتكتم الفتيات اللواتي يتعرضن لعمليات “الاحتيال والنصب” خوفاً من الحرج أمام عائلاتهن، أو محاسبتهن على “التواصل مع أشخاص غرباء عبر الإنترنت وخشية حرمانهن من الهاتف المحمول الذي يتيح لهن متنفساً.”
وكانت “العلوي” تنوي تعلم مهنة التجميل وفتح صالون نساء أو العمل لدى صالون خاص وعرضت الفكرة على أشقائها الاثنين ووالدها، لكنها قوبلت بالرفض “بحجة أنه عار عليهم أن يتركوها تعمل وهم شباب.”
ويغلب على ريف دير الزور الخاضع لسيطرة القوات الحكومية الطابع العشائري وتمنع بعض العائلات، بحكم العادات والتقاليد، الفتيات من العمل ضمن محال تجارية يديرها شباب أو العمل في الدوائر الحكومية، وقد يصل التشدد في بعض الأحيان حد حرمان الفتاة من التعليم.
وتواصلت يارا البعاج (22عاماً) مع إحدى الفتيات التي تقوم بترويج منتجات على مجموعة في موقع فيسبوك، خاصة بسكان مدينة دير الزور، وطلبت مساعدتها للحصول على عمل مماثل في تسويق المنتجات.
وقالت إن صاحبة الحساب التي تحمل اسم “عطر النرجس” كانت مسوقة من العاصمة دمشق، وتعمل لصالح مراكز تجارية هناك، “تقوم بتأمين عملاء لبضائعها من مختلف المدن لبيعها عبر الشحن، مقابل حصولها على دخل شهري ثابت.”
وعرضت المسوقة على “البعاج” العمل مقابل مبلغ 50 ألف ليرة سورية شهرياً، وسيتم تحويل المبلغ لها نهاية كل شهر عن طريق شركة حوالات لدير الزور، “اقتنعت بكلامها وبدأت العمل.”
لكن في نهاية الشهر توقفت المسوقة عن إرسال صور الملابس لعرضها على المجموعات، وأخبرت “البعاج” أن الشركة أعلنت إفلاسها، ما يصعب إرسال الأتعاب الشهرية في الوقت الراهن.
ومع إصرار الشابة، قامت المسوقة بعد عدة أيام بحظرها.
لا ملاحقة
وقال أحمد الزاهر، وهو اسم مستعار لعنصر في قسم الأمن الجنائي الحكومي، إنهم في حال تلقي بلاغات حول عمليات النصب والاحتيال الإلكتروني، يقتصر دورهم على عرض اسم المتهم باختلاس مال للقضاء بتهمة السرقة والاحتيال.
لكن في حال تم تقديم بلاغ دون وجود حوالات مالية “لا يمكننا عمل شيء لأن التعامل يكون مع أشخاص بأسماء مستعارة ووهمية وقد يقتصر العمل على محاولة استدراجهم لإلقاء القبض عليهم.”
ولا تختلف قصة نسرين الأحمد (25عاماً)، وهو اسم مستعار لشابة من دير الزور عن سابقاتها، إذ أنها تواصلت مع شخص يدعي أنه من مدينة حماة، فطلبت منه العمل بالتسويق بعد مشاهدة منشوراته على المجموعات.
وأخبرها الشاب أنه مدير قسم التسويق في شركة خاصة، وأنه سيقوم بتجهيز عقد عمل لمدة ستة أشهر بينها والشركة.
وذكرت “الأحمد” أن الشاب طلب منها إرسال مبلغ 60 ألف ليرة سورية كرسم عمل سنوي وتأمين بأنها ستقوم بعمليات الترويج على أكمل وجه، وفي حال عدم التزامها بالعمل والترويج يتم خصم المبلغ، وأنه يحق لها المطالبة بمالها عند انتهاء العقد.
وأرسلت الفتاة المبلغ بعد استدانته من صديقتها، وذلك من خلال شركة حوالات مالية.
وبعد مرور 48 ساعة و”بحجة” تجهيز أوراق رسمية وتسجيلها في الشركة، قام الشخص بحظرها على مواقع وتطبيقات الاتصال ليتبقى لها الندم على المجازفة.